الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ويستحلف السارق فإن نكل ضمن ، ولم يقطع ) ; لأن المنوط بفعله شيئان الضمان ويعمل فيه النكول والقطع ، ولا يثبت به فصار كما إذا شهد عليها رجل وامرأتان قيد بحد السرقة ; لأنه لا يستحلف في غيره من الحدود إجماعا ، ولو كان حد القذف إلا إذا تضمن حقا بأنعلق عتق عبده بالزنا ، وقال إن زنيت فأنت حر فادعى العبد أنه قد زنى ، ولا بينة عليه يستحلف المولى حتى إذا نكل ثبت العتق دون الزنا كذا في الشرح وصححه الحلواني خلافا للسرخسي ، وهي في الخانية والضمير في زنيت للمتكلم ، ولهذا قال في الخانية ، وهل يصير العبد قاذفا لمولاه بهذا الكلام ذكر الخصاف [ ص: 209 ] في أدب القضاء ما هو إشارة إلى أنه يصير قاذفا فإنه قال : وقد أتى الذي حلف عليه ، ولم يقل إنه زنى تحرزا عن ذلك وذكر في الحدود رجل قذف غيره فقال رجل آخر للقاذف هو كما قلته يصير الثاني قاذفا ثم إذا حلف المولى ها هنا كما هو المختار يحلف على السبب بالله ما زنيت بعدما حلفت بعتق عبدك هذا . ا هـ .

                                                                                        ثم اعلم أن المصنف اقتصر على عدم الاستحلاف عنده في الأشياء السبعة ، وفي الخانية أنه لا استحلاف في أحد وثلاثين خصلة بعضها مختلف فيه وبعضها متفق عليه فنذكرها سردا اختصارا السبعة ، وفي تزويج البنت صغيرة أو كبيرة وعندهما يستحلف الأب في الصغيرة ، وفي تزويج المولى أمته خلافا لهما ، وفي دعوى الدائن الإيصاء فأنكره لا يحلف ، وفي دعوى الدين على الوصي ، وفي الدعوى على الوكيل في المسألتين كالوصي ، وفيما إذا كان في يد رجل شيء فادعاه رجلان كل الشراء منه فأقر به لأحدهما ، وأنكر الآخر لا يحلفه وكذا لو أنكرهما فحلف لأحدهما فنكل له ، وقضي عليه لم يحلف للآخر ، وفيما إذا ادعيا الهبة مع التسليم من ذي اليد فأقر لأحدهما لا يحلف للآخر وكذا لو نكل لأحدهما لا يحلف للآخر ، وفيما إذا ادعى كل منهما أنه رهنه ، وقبضه فأقر به لأحدهما أو حلف لأحدهما فنكل لا يحلف للآخر ، وفيما إذا ادعى أحدهما الرهن والتسليم والآخر الشراء فأقر بالرهن ، وأنكر البيع لا يحلف للمشتري ، ، وفيما إذا ادعى أحد رجلين الإجارة ، والآخر الشراء فأقر بها ، وأنكره لا يحلف لمدعيه ويقال لمدعيه إن شئت فانتظر انقضاء المدة وفك الرهن ، وإن شئت فافسخ ، وفيما إذا ادعى أحدهما الصدقة والقبض ، والآخر الشراء فأقر لأحدهما لا يستحلف للثاني ، وفيما إذا ادعى كل منهما الإجارة فأقر لأحدهما أو نكل لا يحلف للآخر بخلاف ما إذا ادعى كل منهما على ذي اليد الغصب منه فأقر لأحدهما أو حلف لأحدهما فنكل يحلف للثاني كما لو ادعى كل منهما الإيداع فأقر لأحدهما يحلف للثاني وكذا الإعارة ويحلف ما له عليك كذا ، ولا قيمة ، وهي كذا وكذا ، وفيما إذا ادعى البائع رضا الموكل بالعيب لم يحلف وكيله ، وفيما إذا أنكر توكيله له في النكاح ، وفيما إذا اختلف الصانع والمستصنع في المأمور به لا يمين على واحد منهما وكذا لو ادعى الصانع على رجل أنه استصنعه في كذا فأنكر لا يحلف .

                                                                                        الحادية والثلاثون لو ادعى أنه وكيل عن الغائب بقبض دينه وبالخصومة فأنكر لا يستحلف المديون على قوله خلافا لهما هكذا ذكر بعضهم ، وقال الحلواني يستحلف في قولهم جميعا . ا هـ .

                                                                                        وبه علم أن ما في الخلاصة تساهل ، وقصور حيث قال كل موضع لو أقر لزمه فإذا أنكره يستحلف إلا في ثلاث مسائل منها الوكيل بالشراء إذا وجد بالمشترى عيبا فأراد أن يرده بالعيب ، وأراد البائع أن يحلفه بالله ما يعلم أن الموكل رضي بالعيب لا يحلف فإن أقر الوكيل لزمه ذلك ويبطل حق الرد . الثانية لو ادعى على الآمر رضاه لا يحلف ، وإن أقر لزمه . الثالثة الوكيل بقبض الدين إذا ادعى المديون أن الموكل أبرأه عن الدين وطلب يمين الوكيل على العلم لا يحلف ، وإن أقر به لزمه . ا هـ .

                                                                                        وزدت على الواحدة والثلاثين السابقة البائع إذا أنكر قيام العيب للحال لا يحلف عند الإمام ، ولو أقر به لزمه كما قدمناه في خيار العيب والشاهد إذا أنكر رجوعه لا يستحلف ، ولو أقر به ضمن ما تلف بها والسارق إذا أنكرها لا يستحلف للقطع ، ولو أقر بها قطع وذكر الإسبيجابي ، ولا يستحلف الأب في مال الصبي ، ولا الوصي في مال اليتيم ، ولا المتولي للمسجد والأوقاف إلا إذا ادعي عليهم العقد يستحلفون حينئذ . ا هـ . .

                                                                                        [ ص: 208 - 209 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 208 - 209 ] ( قوله : وفي دعوى الدائن الإيصاء ) أي أن فلانا وصي عن الميت ( قوله : رضي الموكل ) أي موكل المشتري ( قوله : الثانية لو ادعى عليه الآمر رضاه إلخ ) صورته اشترى شيئا بالوكالة فظهر به عيب فأراد الآمر أي الموكل رده بالعيب فادعى البائع على الآمر إنك رضيت بالعيب لا يحلف الآمر وتمام الكلام على هذه في شرح الوهبانية ( قوله : الثالثة الوكيل بقبض الدين إلخ ) قال في نور العين فيه نظر إذ المقر به هو الإبراء الذي يدعيه المديون فكيف يتصور لزومه على الوكيل اللهم إلا أن يقال المراد من لزوم الإبراء لزوم حكمه ، وهو الفراغ عن مطالبة المديون ، وأما احتمال براءة المديون بإقرار الوكيل وانتقال الدين إلى ذمة الوكيل جزاء على إقراره فبعيد بل غير مسلم والله أعلم .

                                                                                        ( قوله : وزدت على الواحدة والثلاثين ) الأولى أن يقول على الأربع والثلاثين بضم ما في الخلاصة إلى ما في الخانية لكن الأولى من مسائل الخلاصة تقدمت في كلام الخانية فبقي منها ثنتان ( قوله : إلا إذا ادعي عليهم العقد ) قال الرملي يريد غير عقد النكاح إذ قدم أنه لا تحليف في تزويج البنت صغيرة أو كبيرة وعندهما يستحلف الأب في الصغيرة تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية