الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإن باع نسيئة فقال : أمرتك بنقد وقال المأمور : أطلقت فالقول للآمر ) لأن الأمر يستفاد من جهته ولا دلالة على الإطلاق وفي كافي الحاكم وإذا باع الوكيل العبد بخمسمائة فقال الآمر : أمرتك بألف وقال : أمرتك بدينار أو بحنطة أو شعير أو باعه بنسيئة فقال : أمرتك بالحال فالقول قول الآمر وكذلك هذا في النكاح والمكاتب والإجارة والعتق على مال ا هـ .

                                                                                        ثم قال : ولو أمره أن يبيعه من فلان بكفيل فباعه بغير كفيل لم يجز وإن قال الوكيل : لم يأمرني بذلك فالقول للآمر ا هـ .

                                                                                        فلو قال المؤلف : لو اختلفا فيما عينه الموكل فالقول له لكان أولى ليشمل وكيل البيع والنكاح والإجارة والخلع والإعتاق والكتابة والمقدار والصفة من حلول وتأجيل والتقييد المقيد بمشتر ورهن وكفيل ووقت وقولي فيما عينه الموكل شامل لما إذا ادعى الموكل التقييد والوكيل الإطلاق وما إذا ادعى الموكل تعيين شيء وادعى الوكيل تعيين آخر قيد الاختلاف في الإطلاق والتقييد لأن الوكيل بالبيع إذا ادعى البيع وقبض الثمن وهلاكه وادعاه المشتري وكذبهما الآمر فالوكيل يصدق مع يمينه فإن كان الآمر قد مات فقال : ورثته لم يبعه وقال الوكيل : قد بعته من فلان بألف وقبضت الثمن وهلك وصدقه المشتري فإن كان العبد قائما بعينه لم يصدق الوكيل على البيع إلا أن تقوم بينة أنه باعه في حياة الآمر فإن لم تكن له بينة رد البيع وضمن الوكيل المال للمشتري وإن كان العبد مستهلكا فالوكيل مصدق بعد الحلف استحسن ذلك .

                                                                                        وإن قال الآمر : قد أخرجتك من الوكالة وقال الوكيل : قد بعته أمس لم يصدق الوكيل ولو أقر الوكيل بالبيع لإنسان بعينه فقال الآمر : قد أخرجتك من [ ص: 172 ] الوكالة جاز البيع إذا ادعى ذلك المشتري كذا في كافي الحاكم وإنما يصدق الوكيل في البيع وقبض الثمن وهلاكه عنده إذا كان المبيع مسلما في يده فإن كان في يد البائع فلا وتمامه في البزازية وفيها أيضا وكيل العتق قال : أعتقته أمس وكذبه موكله لا يعتق وكيل البيع قال : بعته أمس وكذبه موكله فالقول للوكيل الوكيل بالكتابة وقبض بدلها إذا قال : كاتبت وقبضت بدلها فالقول له في الكتابة لا في قبض بدلها أما لو قال : كاتبته ثم قال قبضت بدلها ودفعت إلى الموكل فهو صحيح مصدق لأنه أمين ا هـ .

                                                                                        وتقدم الاختلاف بين وكيل الشراء وموكله وفي منية المفتي أمر رجلا أن يقضي عنه دينه فقال المأمور بعد ذلك : قضيت وصدقه الآمر وكذبه رب الدين وحلف رجع رب الدين على الآمر لكن لا يرجع المأمور على الآمر لأن المأمور وكيل بشراء ما في ذمة الآمر بمثله وبنقد الثمن من مال نفسه فإنما يرجع على الآمر لو سلم ما في ذمته كالمشتري إنما يؤمر بدفع الثمن إذا سلم له ما اشترى .

                                                                                        وذكر القدوري أنه يرجع رب الدين على المديون بالدين والمأمور على المديون بما قضى أمر غيره بقضاء دينه فقضاه وجاء ليرجع عليه فقال الآمر ما كان لفلان علي شيء أصلا ولا أمرتك أن تقضيه ولا أنت قضيته شيئا ورب الدين غائب فأقام المأمور البينة على الدين والأمر بالقضاء والقضاء فإن القاضي يقضي بالمال على الآمر للغائب وبالرجوع للمأمور على الآمر وإن كان رب الدين غائبا لأن عنه خصما حاضرا حكما لأن ما يدعيه الغائب سبب لثبوت ما يدعيه لنفسه وفي مثله ينتصب الحاضر خصما ا هـ .

                                                                                        [ ص: 172 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 172 ] ( قوله في يد البائع ) أي الموكل ( قوله والمأمور على المديون بما قضى ) قال الرملي : صوابه على الآمر فليتأمل هكذا وجدت مكتوبا على بعض النسخ ولا حاجة إلى التصويب فإن الآمر هو المديون فتأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية