( قوله ومن يا منافق يا لوطي يا من يلعب بالصبيان يا آكل الربا يا شارب الخمر يا ديوث يا مخنث يا خائن يا ابن القحبة يا زنديق يا قرطبان يا مأوى الزواني أو اللصوص يا حرام زاده عزر ) ; لأنه جناية قذف في المسألتين الأوليين ، وقد امتنع وجوب الحد لفقد الإحصان فوجب التعزير وفيما عداهما قد آذاه وألحق الشين به ولا مدخل للقياس في الحدود فوجب التعزير وهو ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أما الكتاب فقوله تعالى { قذف مملوكا أو كافرا بالزنا أو مسلما بيا فاسق يا كافر يا خبيث يا لص يا فاجر واهجروهن في المضاجع واضربوهن } وأما السنة فكثيرة منها { } { تعزيره عليه السلام رجلا قال لغيره يا مخنث } وأجمعت الأمة على وجوبه في كبيرة لا توجب الحد أو جناية لا توجب الحد كذا في التبيين فصار الحاصل أن كل من وحبس عليه السلام رجلا بالتهمة فإنه يجب التعزير من نظر محرم ومس محرم وخلوة محرمة وأكل ربا ظاهر ومن ذلك ما في القنية ارتكب معصية ليس فيها حد مقدر وثبت عليه عند الحاكم ليس له ذلك ويعزر . ا هـ . مسكينة أخذت كسرة خبز من خباز فضربها حتى صرعها
ويؤخذ منه أن من أخذ مال أحد ليس له ضربه حيث أمكنه رفعه إلى الحاكم إلا أن يقال : إنه لقلة قيمتها ولكونها مسكينة ومن ذلك الاستخفاف بالمسلم كما في القنية ومنه فإنه يضرب ضربا وجيعا بخلاف الذمي حتى يتقدم إليه ، فإن باع في المصر بعد التقديم ثم أسلم لم يسقط الضرب كذا في القنية وفي فتاوى المسلم إذا باع الخمر القاضي يحبس ويخلد في السجن إلى أن يظهر التوبة ، وقد ذكروا في كتاب الكفالة أن التهمة تثبت بشهادة مستورين أو واحد عدل فظاهره أنه لو من يتهم بالقتل والسرقة وضرب الناس ليس للحاكم حبسه بخلاف ما إذا كان عدلا أو مستورين ، فإن له حبسه وقال شهد عند الحاكم واحد مستور وفاسق بفساد شخص المصنف فيها ولا يحبس في الحدود والقصاص حتى يشهد شاهدان أو واحد عدل . ا هـ .
وتقدير مدة الحبس راجعة إلى الحاكم كما لا يخفى وفي فتح القدير ويعزر من وإن لم يشربوا ومن شهد شرب الشاربين ، والمجتمعون على شبه الشرب معه ركوة خمر يعزر ويحبس والمفطر في نهار رمضان يعزر ويحبس وكذا والمسلم يأكل الربا يعزرون ويحبسون حتى يحدثوا توبة وكذا من المغني والمخنث والنائحة . ا هـ . قبل أجنبية أو عانقها أو لمسها بشهوة
وفي شرح الطحاوي أن كل من ارتكب منكرا أو آذى مسلما بغير حق بقوله أو بفعله وجب عليه التعزير إلا إذا كان الكذب ظاهرا كقوله يا كلب . ا هـ . والأصل في وجوب التعزير
والمصنف رحمه الله اقتصر على مسائل الشتم لكثرة وقوعها خصوصا في زماننا وأطلق عليه قذفا مجازا شرعيا وهو حقيقة لغوية ; لأن القذف في اللغة الرمي بالحجارة ونحوها قال تعالى { ويقذفون من كل جانب دحورا } وقذف المحصنات رميهن بالفجور ، والقذف بالغيب الرجم بالظن قال تعالى { ويقذفون بالغيب } وقذف قذفا كذا في ضياء الحلوم وأطلق في وجوب التعزير بالشتم المذكور وهو مقيد بأن يعجز القائل عن إثبات ما قاله قال في المحيط ولو لا يعزر ذكره قال له : يا فاسق يا فاجر يا مخنث يا لص والمقول له فاسق أو فاجر أو لص في المجرد ; لأنه صادق في أخباره فلا يكون فيه إلحاق الشين به بل الشين كان ملحقا به وفي فتح القدير إنما يجب التعزير فيمن لم يعلم اتصافه به أما من علم اتصافه ، فإن الشين قد ألحقه هو بنفسه قبل قول القائل . ا هـ . الحسن
وفي القنية لا تسمع بينته ; لأن الشهادة على مجرد الجرح والفسق لا تقبل بخلاف ما إذا قال له يا فاسق ثم أراد أن يثبت بالبينة فسقه ليدفع التعزير عن نفسه تقبل ; لأنه متعلق الحد ولو أراد إثبات [ ص: 47 ] فسقه ضمنا لما تصح فيه الخصومة كجرح الشهود إذا قال رشوته بكذا فعليه رده تقبل البينة كذا هذه . ا هـ . قال : يا زاني ثم أثبت زناه بالبينة
وهذا إذا شهدوا على فسقه ولم يبينوه ، وأما إذا بينوه بما يتضمن إثبات حق الله تعالى أو العبد ، فإنها تقبل كما إذا ولا شك في قبولها وسقوط التعزير عن القائل ; لأنها تضمنت إثبات حق الله تعالى وهو التعزير على الفاعل ; لأن الحق لله تعالى لا يختص بالحد بل أعم منه ومن التعزير وكذلك يجري هذا في جرح الشاهد بمثله وإقامة البينة عليه وينبغي على هذا للقاضي أن يسأل الشاتم عن سبب فسقه ، فإن يبين سببا شرعيا طلب منه إقامة البينة عليه وينبغي أنه إن بين أن سببه ترك الاشتغال بالعلم مع الحاجة إليه أن يكون صحيحا وفي مثل هذا لا يطلب منه البينة بل يسأل المقول له عن الفرائض التي يفترض عليه معرفتها . قال له يا فاسق فلما رفع إلى القاضي ادعى أنه رآه قبل أجنبية أو عانقها أو خلا بها ونحو ذلك ثم أقام رجلين شهدا أنهما رأياه فعل ذلك
فإن لم يعرفها ثبت فسقه فلا شيء على القائل له يا فاسق لما صرح به في المجتبى من أن ترك الاشتغال بالفقه لا تقبل شهادته واقتصر المصنف في مسائل الشتم على النداء وليس بقيد ; لأن الإخبار كذلك كما إذا قال أنت فاسق أو فلان فاسق ونحوه قال في القنية لو يعزر . ا هـ . قال له يا منافق أو أنت منافق
وهذا إذا لم يخرج مخرج الدعوى قال في القنية ولو لا يعزر بخلاف دعوى الزنا ; لأن القصد من دعوى السرقة إثبات المال لا نسبته إلى السرقة بخلاف دعوى الزنا وإن قصد إقامة الحسبة لكن لا يمكنه إثباتها إلا بالنسبة إلى الزنا فكان قاصدا نسبته إلى الزنا وفي المال يمكنه إثباته بدون نسبته إلى السرقة فلم يكن قاصدا نسبته إلى السرقة . ا هـ . ادعى رجل عند القاضي سرقة وعجز عن إثباتها
وفي الظهيرية عن في محمد أحلف المولى بالله ما زنيت ، فإن حلف لم يعتق العبد ووجب على العبد الحد للمولى وإن لم يحلف عتق العبد ولا حد على من قذفه بعد ذلك استحسانا . ا هـ . رجل قال إن زنيت فعبده حر فادعى العبد أنه زنى
وفي الفتاوى السراجية إذا لا يجب عليه شيء إذا صدر الكلام على وجه الدعوى عند حاكم شرعي أما إذا صدر منه على وجه السب أو الانتقاص ، فإنه يعزر على حسب ما يليق به . ا هـ . ادعى شخص على شخص بدعوى توجب تكفيره وعجز المدعي عن إثبات ما ادعاه
والتقييد بالمسلم في قوله أو مسلما في مسائل الشتم اتفاقا إذ لو ، فإنه يعزر ; لأنه ارتكب معصية كذا في فتح القدير وفي القنية من باب الاستحلال ورد المظالم لو شتم ذميا يأثم إن شق عليه . ا هـ . قال ليهودي أو مجوسي يا كافر
ومقتضاه أن يعزر لارتكابه ما أوجب الإثم ، وقد جعل المصنف من ألفاظ الشتم يا كافر يا منافق وفي المحيط جعل منه يا يهودي وظاهره أن الشاتم لا يكفر به وصرح في الخلاصة أنه لو أجابه بقوله لبيك كفر ولا يخفى أن بمنزلة يا كافر أو يا مبتدع فيعزر ; لأن الرافضي كافر إن كان يسب الشيخين ومبتدع إن فضل قوله ويا رافضي عليهما من غير سب كما في الخلاصة وسيأتي في باب الردة إن شاء الله تعالى وأفاد بعطفه يا فاجر [ ص: 48 ] على يا فاسق التغاير بينهما . عليا
ولذا قال في القنية لو لا تقبل هذه الشهادة . ا هـ . أقام مدعي الشتم شاهدين شهد أحدهما أنه قال له يا فاسق والآخر على أنه قال له يا فاجر
وأطلق في فأفاد أنه لا يسأل عن نيته وأنه يعزر مطلقا وفي فتح القدير وقيل في يا لوطي يسأل عن نيته إن أراد أنه من قوم قوله يا لوطي لوط لا شيء عليه وإن أراد أنه يعمل عملهم يعزر على قول وعندهما يحد والصحيح أنه يعزر إن كان في غضب أبي حنيفة قلت أو هزل من تعود بالهزل والقبيح . ا هـ .
وقد ذكر المصنف من الألفاظ الديوث والقرطبان فقال في المغرب الديوث الذي لا غيرة له ممن يدخل على امرأته والقرطبان نعت سوء في الرجل الذي لا غيرة له عن وعن الليث الأزهري هذا من كلام الحاضرة ولم أر البوادي لفظوا به ولا عرفوه ومنه ما في قذف الأجناس كشحات ا هـ .
وذكر الشارح أن القرطبان هو الذي يرى مع امرأته أو محرمه رجلا فيدعه خاليا بها وقيل هو المتسبب للجمع بين اثنين لمعنى غير ممدوح وقيل هو الذي يبعث امرأته مع غلام بالغ أو مع مزارعه إلى الضيعة أو يأذن لهما بالدخول عليها في غيبته . ا هـ .
وعلى هذا يعزر بلفظ معرص ; لأنه الديوث في عرف مصر والشام وأشار بقوله يا ابن القحبة إلى مسألتين إحداهما إذا شتم أصله ، فإنه يعزر بطلب الولد كقوله يا ابن الفاسق يا ابن الكافر أو النصراني وأبوه ليس كذلك . ثانيهما : أنه لو يعزر ولا يحد للقذف بخلاف يا روسبي ، فإنه قذف يحد به كذا في الخانية وكان الفرق بينهما أن روسبي صريح في القذف بالزنا بخلاف القحبة ، فإنه كناية عن الزانية قال في الظهيرية والقحبة الزانية مأخوذ من القحاب وهو السعال وكانت الزانية في قال لامرأته : يا قحبة العرب إذا مر بها رجل سعلت ليقضي منها وطره فسميت الزانية قحبة لهذا . ا هـ .
ومن الألفاظ الموجبة للتعزير يا رستاقي يا ابن الأسود ويا ابن الحجام وهو ليس كذلك كذا في التبيين ومنها يا خائن كما في الظهيرية ومنها يا سفيه كما في المحيط وفي فتح القدير الأولى للإنسان فيما إذا قيل له ما يوجب التعزير أن لا يجيبه قالوا لو الأحسن أن يكف عنه ولو رفع إلى القاضي ليؤدبه يجوز ولو أجاب مع هذا فقال بل أنت لا بأس . ا هـ . قال له يا خبيث
وفي القنية تشاتما يجب الاستحلال عليهما وعن الشيخ الجليل المتكلم أن من شتم غيره أو ضربه فالذهاب إليه في الاستحلال لا يجب عليه ويخرج عن العهدة بالإرسال إليه . ا هـ .
وهو مشكل ; لأنه يقتضي أنه يزول عنه المأثم بمجرد الذهاب أو الإرسال سواء حالله أو أبرأه أو لا وينبغي أن يبقى الإثم إلى أن يوجد الإبراء إلا أن يقال إن الإبراء ليس في قدرته وإنما في قدرته طلب المحاللة [ ص: 49 ] والإبراء ، وقد أتى بما في وسعه وفي الخانية التعزير حق العبد كسائر حقوقه يجوز فيه الإبراء والعفو والشهادة على الشهادة ويجري فيه اليمين يعني إذا أنكر أنه سبه يحلف ويقضى بالنكول قال في فتح القدير ولا يخفى على أحد أنه فحق العبد لا شك أنه يجري فيه ما ذكر ، وأما ما وجب منه حقا لله تعالى فقد قدمنا أنه يجب على الإمام إقامته ولا يحل له تركه إلا فيما علم أنه انزجر الفاعل قبل ذلك ثم يجب أن يتفرع عليه أنه يجوز إثباته بمدع شهد به فيكون مدعيا شاهدا إذا كان معه آخر . ينقسم إلى ما هو حق العبد وحق الله تعالى
فإن قلت في فتاوى قاضي خان وغيره إن كان المدعى عليه ذا مروءة وكان أول ما فعل يوعظ استحسانا ولا يعزر ، فإن عاد وتكرر منه روي عن أنه يضرب وهذا يجب أن يكون في حقوق الله تعالى ، فإن حقوق العباد لا يتمكن القاضي فيها من إسقاط التعزير أبي حنيفة قلت يمكن أن يكون محمل ما قلت من حقوق الله تعالى ولا مناقصة ; لأنه إذا كان ذا مروءة فقد حصل تعزيره بالجر إلى باب القاضي والدعوى فلا يكون مسقطا لحق الله تعالى في التعزير وقوله ولا يعزر يعني بالضرب في أول مرة ، فإن عاد عزره حينئذ بالضرب ويمكن كون محمله حق آدمي من الشتم وهو ممن تعزيره بما ذكرنا ، وقد روي عن في محمد إن كان ذا مروءة وعظ وإن كان دون ذلك حبس وإن كان سبابا ضرب وحبس يعني الذي دون ذلك والمروءة عندي في الدين والصلاح . ا هـ . الرجل يشتم الناس
ما في فتح القدير وفي الخلاصة لو لا يحلفه بالله ما قلت هذا لكن يحلف بالله ما له عليك هذا الحق الذي يدعي ذكره في كيفية الاستحلال وفي القنية ادعى عليه أنه قال له يا فاسق أو يا زنديق أو يا كافر أو يا منافق أو يا فاجر أو ما يجب فيه التعزير وفي مشكل الآثار وإقامة التعزير إلى الإمام عند التعزير لا يسقط بالتوبة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد والعفو إليه أيضا قال والشافعي وعندي أن العفو ثابت للذي جنى عليه لا للإمام قال رضي الله عنه ولعل ما قالوه من أن العفو إلى الإمام فذاك في التعزير الواجب حقا لله تعالى بأن ارتكب منكرا ليس فيه حد مشروع من غير أن يجني على إنسان وما قاله الطحاوي فيما إذا جنى على إنسان . ا هـ . الطحاوي
ما في القنية فهذا كله دليل على أن العفو للإمام جائز وهو مخالف لما في فتح القدير