( قوله وبيا كلب [ ص: 50 ] يا تيس يا حمار يا خنزير يا بقر يا حية يا حجام يا بغاء يا مؤاجر يا ولد الحرام يا عيار يا ناكس يا منكوس يا سخرة ويا ضحكة يا كشخان يا أبله يا موسوس لا ) أي لا يعزر بهذه الألفاظ أما عدم فلظهور كذبه قال في الحاوي القدسي الأصل أن كل سب عاد شينه إلى الساب ، فإنه لا يعزر ، فإن عاد الشين فيه إلى المسبوب عزر وعلله في الهداية بأنه ما ألحق الشين به للتيقن بنفيه وفي هذه الألفاظ ثلاثة مذاهب ظاهر الرواية أنه لا يعزر مطلقا لما ذكرنا واختار التعزير في يا كلب يا حمار يا خنزير يا بقر يا حية يا تيس يا ذئب يا قرد الهندواني أنه يعزر به وهو قول الأئمة الثلاثة ; لأن هذه الألفاظ تذكر للشتيمة في عرفنا وفي فتاوى قاضي خان في يا كلب لا يعزر قال وعن الفقيه أبي جعفر أنه يعزر ; لأنه شتيمة ثم قال والصحيح أنه لا يعزر ; لأنه كاذب قطعا . ا هـ .
وفي المبسوط ، فإن العرب لا تعده شتيمة ولهذا يسمون بكلب وذئب وذكر قاضي خان عن أمالي في يا خنزير يا حمار يعزر ثم قال وفي رواية أبي يوسف محمد لا يعزر وهو الصحيح وصاحب الهداية استحسن التعزير إذا كان المخاطب من الأشراف وتبعه في التبيين وسوى في فتح القدير بين قوله يا حجام وبين قوله يا ابن الحجام حيث لم يكن كذلك في عدم التعزير وفرق بينهما في التبيين فأوجب كأنه لعدم ظهور الكذب في قوله يا ابن الحجام لموت أبيه فالسامعون لا يعلمون كذبه فلحقه الشين بخلاف قوله له يا حجام ; لأنهم يشاهدون صنعته . التعزير في يا ابن الحجام دون يا حجام
وأما بغا بالباء الموحدة والغين المعجمة المشددة فهو المأبون بالفارسية ويقال باغا وكأنه انتزع من البغاء كذا في المغرب وينبغي أن يجب التعزير فيه اتفاقا ; لأنه ألحق الشين به لعدم ظهور الكذب فيه ظاهرا ; لأنه مما يخفى وهو بمعنى يا معفوج وهو المأتي في الدبر ، وقد صرح في الظهيرية بوجوب التعزير فيه معللا بأنه ألحق الشين به بل هو أقوى إيذاء ; لأن الابنة في العرف عيب شديد إذ لا يقدر على ترك أن يؤتى في دبره بسبب دودة ونحوها ، وأما المؤاجر ، فإن كان بكسر الجيم فهو بمعنى المؤجر للشيء ولا عيب فيه إلا أن هذا اللفظ لهذا المعنى في اللغة خطأ وقبيح وإن كان بفتح الجيم بمعنى المؤجر بالفتح يقال آجره المملوك فاسم المفعول مؤجر ومؤاجر كذا في المغرب فقد نسبه إلى أن غيره قد استأجره ولا عيب فيه سواء كان صادقا أو كاذبا ; لأنها عقد شرعي ، وأما ولد الحرام فينبغي التعزير به ; لأنه في العرف بمعنى يا ولد الزنا ولم يجب القذف ; لأنه ليس بصريح ، وقد ألحق الشين به ، وقد أبدله في فتح القدير بيا ولد الحمار وهذا هو الظاهر
وأما العيار بالعين المهملة المفتوحة والياء المثناة التحتية المشددة فهو كثير المجيء والذهاب عن وعن ابن دريد العيار من الرجال الذي يخلي نفسه وهواها لا يردعها ولا يزجرها وفي أجناس ابن الأنباري الناطفي الذي يتردد بلا عمل وهو مأخوذ من قولهم فرس عائر وعيار كذا في المغرب وكأنه لما كان أمر الإنسان ظاهرا من التردد أو كثرة المجيء والذهاب لم يلحق الشين به فلذا لم يعزر ، وأما ففي ضياء الحلوم من باب فعل بكسر العين النكس الرجل الضعيف ومن باب فعل [ ص: 51 ] بالفتح يفعل بالضم النكس قلب الشيء على رأسه قال الله تعالى { قوله يا ناكس يا منكوس ثم نكسوا على رءوسهم } ا هـ .
فكأنه دعا على المخاطب فلا تعزير فيه لعدم إلحاق الشين به ، وأما السخرة بضم السين ففي المغرب السخري من السخرة وهو ما يتسخر أي يستعمل بغير أجر . ا هـ .
فلا شين فيه بل هو مدح ، وأما الضحكة بضم الضاد فهو الشيء يضحك منه كذا في ضياء الحلوم ولا يخفى أن المقول له إذا لم يكن كذلك فقد استخف به ومن استخف بغيره عزر فينبغي التعزير به ولذا قال في الولوالجية لو لا يعزر هكذا ذكر في بعض المواضع والظاهر أنه يجب ا هـ . قال له : يا ساحر يا ضحكة يا مقامر
وأما الكشحان فرأيت في بعض الحواشي أنه بالحاء المهملة وفي المغرب الكشحان الديوث الذي لا غيرة له وكشحه وكشحته شتمته ويقال يا كشحان . ا هـ .
فحينئذ هو بمعنى القرطبان والديوث فيجب فيه التعزير ولذا قال في فتح القدير والحق ما قاله بعض أصحابنا : إنه يعزر في الكشحان إذ قيل له قريب من معنى القرطبان والديوث . ا هـ .
فما في المختصر مشكل لكن قال في ضياء الحلوم كشح القوم عن الشيء إذا تفرقوا عنه وذهبوا وكشح له بالعداوة وأضمرها في كشحه ; لأن العداوة فيه وقيل الكاشح المتباعد عن مودة صاحبه من قولهم كشح القوم على الشيء إذا ذهبوا عنه وفي الحديث { } ، فإن صح مجيء الكشخان منه فلا إشكال أنه ليس بمعنى القرطبان فلذا فرق أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح المصنف بينهما .
وأما الأبله ففي ضياء الحلوم البله الغفلة وفي الحديث { أكثر من يدخل الجنة البله } قيل البله في أمر الدنيا الغافلون عن الشر وإن لم يكن بهم بله قال الزبرقان خير أولادنا الأبله العقول أي الذي هو لشدة حيائه كالأبله وهو عاقل . ا هـ .
فعلم أنها صفة مدح وإن كانت مفضولة بالنسبة لمن عنده حذق وعلم كما صرح به القرطبي في شرح في قوله عليه السلام : { مسلم } وصرح بأن المراد بهم البله وأن العلماء هم أهل الغرف فوقهم وقيد بالأبله احترازا عن البليد ، فإنه يعزر به قال في الولوالجية لو إن أهل الجنة يتراءون الغرف فوقهم كالكوكب الدري يجب فيه التعزير ; لأنه قذفه بمعصية ولأنه ألحق الشين به . ا هـ . قال يا بليد يا قذر
وفي كونه معصية نظر والظاهر التعليل الثاني ، وأما الموسوس فضبطه في الظهيرية في فصل التعزير بكسر الواو وفي المغرب رجل موسوس بالكسر ولا يقال بالفتح ولكن موسوس له أو إليه أي ملقى إليه الوسوسة وقال : حديث النفس وإنما قيل موسوس ; لأنه يحدث بما في ضميره وعن الليث لا يجوز أبي الليث عن طلاق الموسوس يعني المغلوب في عقله الحاكم هو المصاب في عقله إذا تكلم تكلم بغير نظام
[ ص: 50 ]