( قوله : وحروفه الباء والواو والتاء ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=16387وحروف القسم ولو عاد الضمير على اليمين لأنثه ; لأنها مؤنثة سماعا كقوله : والله وبالله وتالله ; لأن كل ذلك معهود في الأيمان ومذكور في القرآن قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فورب السماء والأرض إنه لحق } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=63تالله لقد أرسلنا } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13بالله إن الشرك لظلم عظيم } وفيه احتمال كونه متعلقا بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13لا تشرك } .
وقدم الباء قالوا هي الأصل ; لأنها صلة الحلف والأصل أحلف ، أو أقسم بالله وهي للإلصاق تلصق فعل القسم بالمحلوف به ، ثم حذف الفعل لكثرة الاستعمال مع فهم المقصود ولأصالتها دخلت في المظهر والمضمر نحو بك لأفعلن .
ثم ثنى بالواو لأنها بدل منها للمناسبة المعنوية وهي ما في الإلصاق من الجمع الذي هو معنى الواو ولكونها بدلا انحطت عنها بدرجة فدخلت على المظهر لا على المضمر ولا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=16387إظهار الفعل معها لا تقول أحلف
[ ص: 313 ] بالله كما تقول أحلف والله .
وأما التاء فبدل عن الواو ; لأنها من حروف الزيادة وقد أبدلت كثيرا منها كما في تجاه وتخمة وتراث فانحطت درجتين فلم تدخل على المظهر إلا على اسم الله تعالى خاصة وما روي من قولهم : تربي وترب
الكعبة لا يقاس عليه وكذا تحياتك ولا يجوز إظهار الفعل معها لا تقول : أحلف تالله ولم يذكر
المصنف كغيره أكثر من الثلاثة وذكر في التبيين أن له حروفا أخر وهي لام القسم وحرف التنبيه وهمزة الاستفهام وقطع ألف الوصل والميم المكسورة والمضمومة في القسم ، ومن كقوله لله وها الله وم الله ومن الله واللام بمعنى التاء ويدخلها معنى التعجب وربما جاءت التاء لغير التعجب دون اللام ا هـ .
( قوله ) :
nindex.php?page=treesubj&link=16390 ( وقد تضمر ) أي حروف القسم فيكون حالفا كقوله الله لا أفعل كذا ; لأن حذف الحرف متعارف بينهم اختصارا ، ثم إذا حذف الحرف ولم يعوض عنه ها التنبيه ولا همزة الاستفهام ولا قطع ألف الوصل لم يجز الخفض إلا في اسم الله بل ينصب بإضمار فعل ، أو يرفع على أنه خبر مبتدأ مضمر إلا في اسمين فإنه التزم فيهما الرفع وهما أيمن الله ولعمر الله كذا في التبيين .
وإنما قال
المصنف : تضمر ولم يقل تحذف للفرق بينهما ; لأن الإضمار يبقى أثره بخلاف الحذف وعلى هذا ينبغي أن يكون في حالة النصب الحرف محذوفا ; لأنه لم يظهر أثره ، وفي حالة الجر مضمرا لظهور أثره وهو الجر في الاسم ، وفي الظهيرية
nindex.php?page=treesubj&link=27358بالله لا أفعل كذا وسكن الهاء أو نصبها ، أو رفعها يكون يمينا ولو
nindex.php?page=treesubj&link=27358قال الله لا أفعل كذا وسكن الهاء ، أو نصبها لا يكون يمينا إلا أن يعربها بالجر فيكون يمينا وقيل يكون يمينا مطلقا ولو
nindex.php?page=treesubj&link=27358قال بله بكسر اللام لا أفعل كذا قالوا لا يكون يمينا إلا إذا أعرب الهاء بالكسر وقصد اليمين ا هـ .
وينبغي أنه إذا نصب أن يكون يمينا بلا خلاف ; لأن أهل اللغة لم يختلفوا في جواز كل واحد من الوجهين ولكن النصب أكثر كما ذكره
عبد القاهر في مقتصده كذا في غاية البيان وبه اندفع ما في المبسوط من أن النصب مذهب أهل
البصرة والخفض مذهب أهل
الكوفة إلا أن يكون مراده أن الخلاف في الأرجحية لا في أصل الجواز فيه ، قيد بإضمار الحروف ; لأنه لا يضمر في المقسم عليه حرف التأكيد وهو اللام والنون بل لا بد من ذكرهما لما في المحيط والحلف بالعربية أن تقول في الإثبات : والله لا أفعلن كذا ووالله لقد فعلت كذا مقرونا بكلمة التوكيد ، وفي النفي تقول والله لا أفعل كذا ووالله ما فعلت كذا حتى لو
nindex.php?page=treesubj&link=16391_16450قال والله أفعل كذا اليوم فلم يفعل لا تلزمه الكفارة ويكون بمعنى قوله لا أفعل كذا
[ ص: 314 ] فتكون كلمة لا مضمرة فيه ; لأن الحلف في الإثبات عند العرب لا يكون إلا بحرف التأكيد وهو اللام والنون كقوله والله لا أفعلن كذا قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57تالله لأكيدن أصنامكم }
nindex.php?page=treesubj&link=20912وإضمار الكلمة في الكلام استعملته العرب كقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية } أي أهلها فأما إضمار بعض الكلمة في البعض ما استعملته العرب ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَحُرُوفُهُ الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=16387وَحُرُوفُ الْقَسَمِ وَلَوْ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى الْيَمِينِ لَأَنَّثَهُ ; لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ سَمَاعًا كَقَوْلِهِ : وَاَللَّهِ وَبِاَللَّهِ وَتَاللَّهِ ; لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ فِي الْأَيْمَانِ وَمَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إنَّهُ لَحَقٌّ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=63تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13بِاَللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } وَفِيهِ احْتِمَالُ كَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13لَا تُشْرِكْ } .
وَقَدَّمَ الْبَاءَ قَالُوا هِيَ الْأَصْلُ ; لِأَنَّهَا صِلَةُ الْحَلِفِ وَالْأَصْلُ أَحْلِفُ ، أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ وَهِيَ لِلْإِلْصَاقِ تُلْصِقُ فِعْلَ الْقَسَمِ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ ، ثُمَّ حُذِفَ الْفِعْلُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ مَعَ فَهْمِ الْمَقْصُودِ وَلِأَصَالَتِهَا دَخَلَتْ فِي الْمُظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ نَحْوُ بِكَ لَأَفْعَلَنَّ .
ثُمَّ ثَنَّى بِالْوَاوِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْهَا لِلْمُنَاسَبَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَهِيَ مَا فِي الْإِلْصَاقِ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْوَاوِ وَلِكَوْنِهَا بَدَلًا انْحَطَّتْ عَنْهَا بِدَرَجَةٍ فَدَخَلَتْ عَلَى الْمُظْهَرِ لَا عَلَى الْمُضْمَرِ وَلَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16387إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَهَا لَا تَقُولُ أَحْلِفُ
[ ص: 313 ] بِاَللَّهِ كَمَا تَقُولُ أَحْلِفُ وَاَللَّهِ .
وَأَمَّا التَّاءُ فَبَدَلٌ عَنْ الْوَاوِ ; لِأَنَّهَا مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ أُبْدِلَتْ كَثِيرًا مِنْهَا كَمَا فِي تُجَاهٍ وَتُخْمَةٍ وَتُرَاثٍ فَانْحَطَّتْ دَرَجَتَيْنِ فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْمُظْهَرِ إلَّا عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً وَمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ : تَرَبِّي وَتَرَبِّ
الْكَعْبَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَكَذَا تَحِيَّاتِكَ وَلَا يَجُوزُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَهَا لَا تَقُولُ : أَحْلِفُ تَاللَّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ
الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَذَكَرَ فِي التَّبْيِينِ أَنَّ لَهُ حُرُوفًا أُخَرَ وَهِيَ لَامُ الْقَسَمِ وَحَرْفُ التَّنْبِيهِ وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَقَطْعُ أَلِفِ الْوَصْلِ وَالْمِيمُ الْمَكْسُورَةُ وَالْمَضْمُومَةُ فِي الْقَسَمِ ، وَمُنُ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ وَهَا اللَّهِ وَمُ اللَّهِ وَمُنُ اللَّهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى التَّاءِ وَيَدْخُلُهَا مَعْنَى التَّعَجُّبِ وَرُبَّمَا جَاءَتْ التَّاءُ لِغَيْرِ التَّعَجُّبِ دُونَ اللَّامِ ا هـ .
( قَوْلُهُ ) :
nindex.php?page=treesubj&link=16390 ( وَقَدْ تُضْمَرُ ) أَيْ حُرُوفُ الْقَسَمِ فَيَكُونُ حَالِفًا كَقَوْلِهِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ; لِأَنَّ حَذْفَ الْحَرْفِ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ اخْتِصَارًا ، ثُمَّ إذَا حُذِفَ الْحَرْفُ وَلَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ هَا التَّنْبِيهِ وَلَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَلَا قَطْعُ أَلِفِ الْوَصْلِ لَمْ يَجُزْ الْخَفْضُ إلَّا فِي اسْمِ اللَّهِ بَلْ يُنْصَبُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ ، أَوْ يُرْفَعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ إلَّا فِي اسْمَيْنِ فَإِنَّهُ اُلْتُزِمَ فِيهِمَا الرَّفْعُ وَهُمَا أَيْمُنُ اللَّهِ وَلَعَمْرُ اللَّهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ .
وَإِنَّمَا قَالَ
الْمُصَنِّفُ : تُضْمَرُ وَلَمْ يَقُلْ تُحْذَفُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ الْإِضْمَارَ يَبْقَى أَثَرُهُ بِخِلَافِ الْحَذْفِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي حَالَةِ النَّصْبِ الْحَرْفُ مَحْذُوفًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ ، وَفِي حَالَةِ الْجَرِّ مُضْمَرًا لِظُهُورِ أَثَرِهِ وَهُوَ الْجَرُّ فِي الِاسْمِ ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=27358بِاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَسَكَّنَ الْهَاءَ أَوْ نَصَبَهَا ، أَوْ رَفَعَهَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=27358قَالَ اللَّهَ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَسَكَّنَ الْهَاءَ ، أَوْ نَصَبَهَا لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يُعْرِبَهَا بِالْجَرِّ فَيَكُونُ يَمِينًا وَقِيلَ يَكُونُ يَمِينًا مُطْلَقًا وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=27358قَالَ بِلَهُ بِكَسْرِ اللَّامِ لَا أَفْعَلُ كَذَا قَالُوا لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا أَعْرَبَ الْهَاءَ بِالْكَسْرِ وَقَصَدَ الْيَمِينَ ا هـ .
وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا نَصَبَ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جَوَازِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلَكِنَّ النَّصْبَ أَكْثَرُ كَمَا ذَكَرَهُ
عَبْدُ الْقَاهِرِ فِي مُقْتَصَدِهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ النَّصْبَ مَذْهَبُ أَهْلِ
الْبَصْرَةِ وَالْخَفْضَ مَذْهَبُ أَهْلِ
الْكُوفَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَرْجَحِيَّةِ لَا فِي أَصْلِ الْجَوَازِ فِيهِ ، قَيَّدَ بِإِضْمَارِ الْحُرُوفِ ; لِأَنَّهُ لَا يُضْمَرُ فِي الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ حَرْفُ التَّأْكِيدِ وَهُوَ اللَّامُ وَالنُّونُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا لِمَا فِي الْمُحِيطِ وَالْحَلِفُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَنْ تَقُولَ فِي الْإِثْبَاتِ : وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلَنَّ كَذَا وَوَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا مَقْرُونًا بِكَلِمَةِ التَّوْكِيدِ ، وَفِي النَّفْيِ تَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَوَاللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا حَتَّى لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16391_16450قَالَ وَاَللَّهِ أَفْعَلُ كَذَا الْيَوْمَ فَلَمْ يَفْعَلْ لَا تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ وَيَكُونُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا
[ ص: 314 ] فَتَكُونُ كَلِمَةً لَا مُضْمَرَةً فِيهِ ; لِأَنَّ الْحَلِفَ فِي الْإِثْبَاتِ عِنْدَ الْعَرَبِ لَا يَكُونُ إلَّا بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ وَهُوَ اللَّامُ وَالنُّونُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلَنَّ كَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ }
nindex.php?page=treesubj&link=20912وَإِضْمَارُ الْكَلِمَةِ فِي الْكَلَامِ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ } أَيْ أَهْلَهَا فَأَمَّا إضْمَارُ بَعْضِ الْكَلِمَةِ فِي الْبَعْضِ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ ا هـ .