الوجه الثاني والعشرون قال تعالى: من وجوه إعجازه (تيسيره تعالى حفظه وتقريبه على متحفظيه) ولقد يسرنا القرآن للذكر ، وسائر الأمم لا يحفظ كتبها الواحد منهم، فكيف الجم على مرور السنين عليهم، والقرآن ميسر حفظه للغلمان في أقرب مدة، حتى إن منهم من حفظه في المنام. وحكي أنه رفع إلى المأمون صبي ابن خمس سنين وهو يحفظ القرآن. قال يسر بما فيه من حسن النظم، وشرف المعاني، فله لوطة بالقلوب، وامتزاج بالعقول، وهذا مشاهد بالعيان، فلا يحتاج فيه إلى برهان. وأعظم من هذا أن الله يقدر بعض خلقه على ختمه في آن واحد مرات كثيرة. قال بعضهم: كنت أستغربه حتى شاهدت بعضهم ختمه في دورة الطواف بالبيت الحرام، فحققته مشاهدة. قال ابن عطية: الشيخ ولي الله المرجاني: وذلك أن الله أطلق كل شعرة في الجسد لقراءته. والله أعلم. وهذه أحوال يهبها الله لمن يشاء من عباده. قال أبو عمران: من الناس من أقدره الله على أن يختم القرآن في الليلة الواحدة أربع مرات ثم يغتسل. وكان من الصحابة من يختمه مرة، ومنهم من يختمه مرتين، ومنهم من يختمه ثلاثا.