وفي قراءة : ( عن قتال فيه ) ، وقراءة عبد الله : ( عن الشهر الحرام قتل فيه ) بغير ألف ، وكذا : ( قل قتل فيه كبير ) ، وقرأ عكرمة : ( ويسألونك ) بالواو الأعرج عن الشهر الحرام قتال فيه قال : الخفض عند البصريين على بدل الاشتمال . وقال أبو جعفر : هو مخفوض على التكرير ، أي : عن قتال فيه . وقال الكسائي : هو مخفوض على نية " عن " . وقال الفراء : هو مخفوض على الجوار . قال أبو عبيدة : لا يجوز أن يعرب شيء على الجوار في كتاب الله - عز وجل - ، ولا في شيء من الكلام ، وإنما الجوار غلط ، وإنما وقع في شيء شاذ وهو قولهم : هذا جحر ضب خرب ، والدليل على أنه غلط قول أبو جعفر العرب في التثنية : هذان جحرا ضب خربان ، وإنما هذا بمنزلة الإقواء ، ولا يحمل شيء من كتاب الله - عز وجل - على هذا ، ولا يكون إلا بأفصح اللغات وأصحها ، ولا يجوز إضمار " عن " ، والقول فيه إنه بدل ، وأنشد : سيبويه
فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما
[ ص: 308 ] فأما " قتال فيه " بالرفع ؛ فغامض في العربية . والمعنى فيه : يسألونك عن الشهر الحرام أجائز قتال فيه ؟ فقوله : " يسألونك " يدل على الاستفهام ، كما قال :
أصاح ترى برقا أريك وميضه كلمع اليدين في حبي مكلل
فالمعنى : أترى برقا . فحذف ألف الاستفهام لأن الألف التي في " أصاح " بدل منها ، وتدل عليها ، وإن كانت حرف النداء ، وكما قال :
تروح من الحي أم تبتكر
والمعنى : أتروح . فحذف الألف لأن " أم " تدل عليها . قل قتال فيه كبير ابتداء وخبر وصد ابتداء عن سبيل الله خفض بعن وكفر به عطف على صد والمسجد الحرام عطف على سبيل الله وإخراج أهله منه عطف على صد ، وخبر الابتداء أكبر عند الله و ( الفتنة أكبر من القتل ) ابتداء وخبر ، أي : أعظم إثما من القتال في الشهر الحرام . وقيل في المسجد الحرام : عطف على الشهر ، أي : ويسألونك عن المسجد ، فقال - تعالى - : وإخراج أهله منه أكبر عند الله وهذا لا وجه له ؛ لأن القوم لم يكونوا في شك من عظيم ما أتى المشركون المسلمين في إخراجهم من منازلهم بمكة ، فيحتاجوا إلى المسألة عنه : هل كان ذلك لهم ؟ ومع ذلك فإنه قول خارج عن قول العلماء ؛ لأنهم أجمعوا أنها نزلت في سبب قتل ابن [ ص: 309 ] الحضرمي .