ومن كان في هذه [ 72 ] .
أي في الدنيا ( أعمى فهو في الآخرة أعمى ) وتقديره : أعمى منه في الدنيا . قال : وإنما جاز هذا ، ولا يقال : فلان أعمى من فلان ؛ لأنه من عمى القلب . ويقال في عمى القلب : فلان أعمى من فلان . وفي عمى العين : فلان أبين عمى من فلان . ولا يقال : أعمى منه . قال محمد بن يزيد : وإنما لم يقل : " أعمى منه " في عمى العين عند أبو جعفر الخليل ؛ لأن عمى العين شيء ثابت مرئي ، [ ص: 435 ] كاليد والرجل ، فكما لا تقول : ما أيداه ، لا تقول : ما أعماه . وفيه قولان آخران : قال وسيبويه : إنما لم يقل : ما أعماه ؛ لأن الأصل في فعله : اعمي ، واعماي ؛ ولا يتعجب مما جاوز الثلاثة إلا بزيادة . والقول الثاني أنهم فعلوا هذا للفرق بين عمى العين وعمى القلب ، وكذا لم يقولوا في الألوان : ما أسوده ؛ ليفرقوا بينه وبين قولهم : ما أسوده ، من السؤدد ، وأتبعوا بعض الكلام بعضا . قال الأخفش سعيد : وسمعت أبو جعفر يقول : إنما لم يقولوا : ما أقيله ، من القايلة ؛ لأنهم قد يقولون في البيع : قلته ، ففرقوا بينهما . وحكى أبا إسحاق عن بعض النحويين : ما أعماه ، وما أعشاه ، وما أزرقه ، وما أعوره . قال : لأنهم يقولون : عمي وعشي وعور . وأجاز الفراء في الكلام والشعر : ما أبيضه ، وسائر الألوان ، وكذا عنده . وقال الفراء في قوله - جل وعز - : محمد بن يزيد ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى أن يكون من قولك : " فلان أعمى " لا يريد أشد عمى من غيره . قال : والقول الأول أولى ليكون المعنى عليه لأن بعده ( أبو جعفر وأضل سبيلا ) أي منه في الدنيا ، ولهذا روي عن أنه قال : تجوز الإمالة في قوله - جل وعز - : أبي عمرو بن العلاء ومن كان في هذه أعمى ولا تجوز الإمالة في قوله : " فهو في الآخرة أعمى " . يذهب إلى أن الألف في الثاني متوسطة لأن تقديره : أعمى منه في الدنيا ، ولو لم يرد هذه لجازت الإمالة . قال : أبو إسحاق وأضل سبيلا أي طريقا إلى الهدى ؛ لأنه قد حصل على عمله لا سبيل له إلى التوبة .