تقدم الكلام على السكون العارض في الوقف المسبوق بحرف المد واللين أو حرف اللين وحده، والكلام هنا على السكون العارض غير المسبوق بشيء من ذلك، وهذا السكون لا يخلو حاله من أن يكون في هاء تأنيث نحو: من ربهم ورحمة [البقرة: 157] أو في هاء ضمير نحو: فليصمه [البقرة: 185] أو في عارض الشكل نحو الميم من قم الليل [المزمل: 2] أو في غير ذلك نحو: أنها الحق [الشورى: 18] من قبل ومن بعد [الروم: 4] وتب [المسد: 1] وحكم الوقف عليه فيه تفصيل.
فإن كان السكون العارض هذا في غير ما آخره هاء تأنيث أو هاء ضمير أو عارض شكل وكان مرفوعا نحو: إياك نعبد [الفاتحة: 5] يبدئ [العنكبوت: 19] قل هو الله أحد [الإخلاص: 1] أو مضموما نحو: من قبل ومن بعد [الروم: 4] فعلى الله توكلت [يونس: 71] ففيه وقفا ثلاثة أوجه، وهي: الوقف بالسكون المجرد، ثم بالسكون مع الإشمام، ثم بالروم.
وإن كان مجرورا نحو: بعشر [الأعراف: 142] أو مكسورا نحو: قالوا كذلك قال ربك [الذاريات: 30] [ ص: 327 ] ففيه في الوقف وجهان، هما: الوقف بالسكون المجرد، ثم بالروم.
وإن كان منصوبا نحو: " العسر واليسر " [البقرة: 185] أو مفتوحا نحو: الذي أنشأ [الأنعام: 141] ففيه وجه واحد، وهو الوقف بالسكون المجرد فحسب.
وقد نظم هذه الأوجه في هذه الأحوال الثلاثة صاحب سراج المعالي، فقال رحمه الله تعالى:
ما لا يمد خذ ثلاثا إن يضم واثنين جرا واحد في النصب تم
اهـوإن كان السكون العارض في هاء التأنيث، وهي التي في الوصل تاء وفي الوقف هاء نحو كلمة طيبة [إبراهيم: 24] - ففيه الوقف بالسكون المجرد من غير روم ولا إشمام؛ لأن الروم والإشمام لا يدخلان هاء التأنيث - كما تقدم - ويستوي في ذلك المرفوع منها نحو: ولي نعجة واحدة [ص: 23] والمجرور نحو: في الجارية [الحاقة: 11] والمنصوب نحو: وكنتم أزواجا ثلاثة [الواقعة: 7].
أما إذا رسمت هاء التأنيث تاء مفتوحة في مواضعها المعروفة في التنزيل فيجوز دخول الروم والإشمام حالة الوقف عليها، قال في النجوم الطوالع: "لأن الوقف في هذا القسم على الحرف الذي كانت الحركة لازمة له في الوصل وهو التاء" اهـ.
وعليه فيكون في المرفوع منها نحو: بقية [هود: 86] ورحمت ربك خير [الزخرف: 32] [ ص: 328 ] الوقف بالأوجه الثلاثة: السكون المجرد والإشمام والروم، وفي المجرور نحو: بنعمت الله [لقمان: 31] الوقف بوجهين السكون المجرد والروم، وفي المنصوب نحو: إن رحمت الله قريب من المحسنين [الأعراف: 56] الوقف بوجه واحد وهو السكون المجرد فحسب.
وإن كان السكون العارض في هاء الضمير نحو: إن ربه كان به بصيرا [الانشقاق: 15] استأجره [القصص: 26] وحمله [الأحقاف: 15] ففي الوقف عليه خلاف، وهو الخلاف السابق في هاء الضمير في جواز الروم والإشمام فيها وعدم جوازهما، ويترتب على هذا الخلاف ثلاثة مذاهب كما تقدم، وهي كالآتي:
الأول: الوقف بالسكون المجرد فقط من غير روم ولا إشمام، سواء أكانت مضمومة نحو: جزاؤه [يوسف: 75] فليصمه [البقرة: 185] وله الدين واصبا [النحل: 52] أم مكسورة نحو: حق قدره [الأنعام: 91] قياسا على هاء التأنيث لما بينهما من التشابه في الوقف، وهذا هو مذهب المنع المطلق.
الثاني: الوقف بالأوجه الثلاثة في المضمومة، وبوجهي السكون المجرد والروم في المكسورة، وهذا هو مذهب الجواز المطلق.
الثالث: مذهب التفصيل، وهو الأفضل عند الكثيرين من الأئمة، والمختار عند الحافظ ابن الجزري ، وهو إن كانت الهاء مكسورة نحو: إلى أهله [الذاريات: 26] أو مضمومة بعد ضم: جزاؤه [يوسف: 75] ففيها الوقف بالسكون المجرد فقط من غير روم ولا إشمام.
[ ص: 329 ] وإن كانت الهاء مضمومة بعد فتح نحو: لن تخلفه [طه: 97] أو بعد ساكن صحيح نحو: فانفجرت منه [البقرة: 60] ففيها الوقف بالأوجه الثلاثة: السكون المجرد، والإشمام، والروم.
وإن كان السكون العارض في عارض الشكل - وهو ما كان ساكنا وحرك في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين كالميم من نحو: إن يعلم الله [الأنفال: 70] قم الليل [المزمل: 2] ومنهم الذين [التوبة: 61] والواو من نحو: رأوا العذاب [الشورى: 44] واللام من نحو: قل انظروا [يونس: 101] وما إلى ذلك - ففيه الوقف بالسكون المجرد من غير روم ولا إشمام، سواء أكانت الحركة ضمة أم كسرة.
وسمي بعارض الشكل؛ لأن الساكن الصحيح تحرك بحركة عارضة عند وصله بما بعده للتخلص من التقاء الساكنين.
ومن عارض الشكل الوقف على كلمتي حينئذ [الواقعة: 84] و " يومئذ " [القيامة: 22، 24] لأن كسرة الذال فيهما عارضة، فالوقف عليهما بالسكون المجرد أيضا.
[ ص: 330 ] ووجه امتناع الروم والإشمام في الحركة العارضة عموما هو أن ما وجدت فيه أصله السكون، ووجود هذه الحركة كان لأجل التخلص من التقاء الساكنين، فإذا وقف على الحرف المحرك بها زالت العلة التي من أجلها جيء بها ورجع إلى الأصل وهو السكون، وما كان أصله السكون لا يدخله روم ولا إشمام - كما هو مقرر - وكما سيأتي، والله أعلم.
تنبيهات:
الأول: يستثنى من السكون العارض في الوقف غير المسبوق بحرف المد أو اللين الواو المتحركة بالفتح وصلا، الواقعة بعد الضم نحو: لن ندعو [الكهف: 14] لتتلو [الرعد: 30] " هو " [الحشر: 22، 23] وكذلك الياء المتحركة بالفتح وصلا، الواقعة بعد الكسر نحو: ليقضي الله [الأنفال: 42] أن يأتي بالفتح [المائدة: 52] وهي، فلا يوقف عليهم بالسكون الصحيح - وإن كانتا متحركتين بالفتح كما قد يتبادر - بل يكونان في الوقف ساكنتين حرفي مد ولين؛ لوقوع الواو ساكنة إثر ضم، والياء ساكنة إثر كسر - كما هي القاعدة - بخلاف الواو المتحركة بالفتح أو بالضم الواقعة إثر سكون صحيح نحو: لهو الحديث [لقمان: 6] لهو ولعب [العنكبوت: 64] والياء المتحركة بالكسر أو بالضم الواقعة إثر ساكن صحيح [ ص: 331 ] كذلك نحو: بالوحي [الأنبياء: 45] وحي [النجم: 4] فالوقف عليهما يكون بالسكون الصحيح حينئذ؛ لاندراجهما تحت قاعدة الوقف بسكون المتحرك سكونا صحيحا، فتأمل.
التنبيه الثاني: يحذف التنوين من المنون في حالة الوقف بالروم كحذفه حالة الوقف بالسكون، سواء أكان الحرف الموقوف عليه تقدمه حرف مد ولين أو حرف لين أم لم يتقدمه نحو: من سوء [يوسف: 51] والله قدير [الممتحنة: 7] ليس كمثله شيء [الشورى: 11] وآمنهم من خوف [قريش: 4] دفء [النحل: 5] من حق [هود: 79] على بعض [البقرة: 253] وما إلى ذلك.
وكذلك تحذف صلة هاء الضمير في حالة الوقف بالروم كحذفها في حالة الوقف بالسكون أيضا نحو: يغنيكم الله من فضله [التوبة: 28] وأحيط بثمره [الكهف: 42] واشكروا له [سبأ: 15].
التنبيه الثالث: إذا اجتمع مدان عارضان للسكون أو أكثر في حالة القراءة، كأن وقف على فواصل سورة الفاتحة مثلا - فلا ينبغي للقارئ أن يمد أحدها أكثر أو أقل من الآخر بحجة أن كل مد عارض للسكون فيه المدود الثلاثة، فيمد الأول طويلا، والثاني قصيرا، والثالث متوسطا، كل هذا لا يجوز، والذي ينبغي فيه هو التسوية بما جاء في العارض الأول من المد، وباقي العوارض تابعة له مدا وتوسطا [ ص: 332 ] وقصرا؛ وذلك لأن رواة المد في العارض غير رواة التوسط فيه غير رواة القصر فيه أيضا.
وكذلك الحكم بعينه فيما إذا اجتمع مدان عارضان للسكون أو أكثر، وكان السكون العارض مسبوقا بحرف اللين، كأن وقف على فواصل سورة قريش مثلا، فينبغي التسوية في العموم مدا وتوسطا وقصرا، ولا تجوز التفرقة؛ لأن التسوية في مثل هذا وذاك من جملة التجويد، وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة بقوله: "واللفظ في نظيره كمثله" فتفطن.
التنبيه الرابع: علم مما تقدم أن المد الجائز العارض للسكون مطلقا، سواء كان ممدودا بحرف المد واللين أو بحرف اللين فقط نحو الحمد لله رب العالمين [الفاتحة: 2] ذلك الكتاب لا ريب [البقرة: 2] - يجوز فيه المدود الثلاثة، التي هي القصر والتوسط والإشباع، وهذه المدود الثلاثة تجري في كل من النوعين، أي العارض الممدود بحرف المد واللين أو العارض الممدود بحرف اللين على انفراد.
أما إذا اجتمع النوعان معا فتزيد الأوجه على الثلاثة، وتصير ستة، تأتي في الأخير منها، سواء تقدم الممدود بحرف المد واللين على الممدود بحرف اللين أو تأخر عنه.
فمثال تقدم العارض الممدود بحرف المد واللين على العارض الممدود بحرف اللين فقط نحو قوله تعالى: قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين قالوا لا ضير [الشعراء: 49 - 50] بأن وقف على (أجمعين) وعلى (لا ضير) في اللين العارض وهو الأخير - ستة أوجه لجميع القراء، وبيانها كالآتي:
القصر في (أجمعين) و(ضير) معا، ثم التوسط في أجمعين عليه التوسط.
والقصر في (لا ضير) ثم المد في (أجمعين) عليه المدود الثلاثة في (لا ضير).
[ ص: 333 ] وقد نظم أوجه هذه الحالة الشيخ العلامة علي المنصوري رحمه الله تعالى فقال:
وكل من أشبع نحو الدين ثلاثة تجري بوقف اللين
ومن ير قصرا فبالقصر اقتصر ومن يوسطه يوسط أو قصر
ومثال تقدم العارض الممدود بحرف اللين على العارض الممدود بحرف المد واللين نحو قوله تعالى: ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين [البقرة: 2] بأن وقف على "لا ريب" وعلى "المتقين" ففي العارض الأخير ستة أوجه لعامة القراء، وتوضيحها كالآتي:
القصر في "لا ريب" عليه المدود الثلاثة في "المتقين" ثم التوسط في "لا ريب" عليه التوسط والمد في "المتقين" ثم المد فيهما معا.
وقد نظم أوجه هذه الحالة المحقق سيدي الشيخ مصطفى الميهي الأحمدي - رضي الله عنه - فقال:
وكل من قصر حرف اللين ثلاثة تجري بنحو الدين
وإن توسطه فوسط أشبعا وإن تمده فمد مشبعا
الكلام على النوع الثالث وهو المد الجائز البدل، وتعريفه، وضابطه، وأقسامه، ووجه تسميته بالبدل وبالجائز
وهذا هو النوع الثالث والأخير من أنواع المد الجائز.
وتعريفه: أن يتقدم الهمز على حرف المد نحو: " آدم " [الأعراف: 26، 27، 31، 35] إيمانا [التوبة: 124] وأوذوا [آل عمران : 195].
[ ص: 334 ] وسمي بمد البدل لإبدال حرف المد من الهمز، فإن الأصل في هذه الكلمات "أادم – إئمانا - وأؤذوا" بهمزتين الأولى متحركة والثانية ساكنة، فأبدلت الساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها على القاعدة الصرفية المعروفة، فصارت الكلمات: آدم – إيمانا - وأوذوا.
وكان حكمه الجواز لجواز قصره وتوسطه ومده، فالقصر لجميع القراء، والتوسط والمد زائدان من طريق الأزرق خاصة. لورش
وحكم القصر فيه للجميع مشروط بألا يقع بعده همز أو سكون أصلي نحو: برآء [الممتحنة: 4] رأى أيديهم [هود: 70] آمين [المائدة: 2] فإن كان كذلك فيتعين المد لكل؛ عملا بأقوى السببين كما سيأتي.
وقد أشار إلى المد الجائز البدل العلامة الجمزوري في تحفته فقال:
أو قدم الهمز على المد وذا بدل كآمنوا وإيمانا خذا
هذا، وينقسم المد البدل إلى قسمين:
الأول: المد البدل الأصلي وهو ما تقدم ذكره.
الثاني: المد الشبيه بالبدل نحو: ليئوس [هود: 9] يشاءون [النحل: 31] متكئين [الكهف: 31] " مآب " [ص: 25، 49] في حالة الوصل، ونحو [ ص: 335 ] فإن فاءوا [البقرة: 226] وباءوا [آل عمران : 112] مطلقا، ونحو: دعاء ونداء [البقرة: 171] حالة الوقف.
وسمي شبيها بالبدل؛ لأن حرف المد الواقع بعد الهمزة فيه ليس مبدلا من الهمز كما في الأصلي، ولتقدم الهمز على حرف المد في الجملة، فبين النوعين اتفاق وافتراق.
أما الاتفاق فلأن الهمزة تقدم على حرف المد في كل منهما.
وأما الافتراق فلأن حرف المد الذي بعد الهمز في الأصلي مبدل من الهمز الذي كان ساكنا، بخلاف حرف المد الذي بعد الهمز في الشبيه بالبدل فإنه أصلي، وليس مبدلا من الهمز.
ويؤخذ مما ذكرنا أن مد البدل مطلقا تارة يثبت وصلا ووقفا نحو: آمن الرسول [البقرة: 285] أنبئوني [البقرة: 31] وتارة يثبت وصلا لا وقفا نحو: والله عنده حسن المآب [آل عمران : 14] إن ما توعدون لآت [الأنعام: 134] وتارة يثبت وقفا لا وصلا كالوقف على نحو: غثاء [الأعلى: 5] وجاءوا من وجاءوا أباهم [يوسف: 16] وتارة يثبت ابتداء فقط كما لو ابتدئ بنحو: اؤتمن [البقرة: 283] ائذن لي [التوبة: 49] فتلك أربع حالات للمد البدل مطلقا، تأملها؛ والله الموفق.
[ ص: 336 ] تنبيه هام: مادة أتى إذا كانت فعلا وقعت في القرآن الكريم مقصورة الهمز تارة وممدودة تارة أخرى، ويستوي في ذلك المتصلة بالضمير وغير المتصلة، وبعض المبتدئين لا يعرف الممدودة من المقصورة، ويلتبس عليه الحال، فيمد المقصورة ويقصر الممدودة، وهذا مفسد للقراءة؛ لأن كلا من القصر والمد في الهمزة يعطي معنى في الكلمة، ولكل من القصر والمد علامة.
أما علامة القصر فهي إن أفادت كلمة "أتى" معنى المجيء فهمزتها مقصورة، سواء اتصلت بالضمير أم لم تتصل.
فالمتصلة بالضمير كقوله تعالى: وأتيناك بالحق [الحجر: 64] وهل أتاك نبأ الخصم [ص: 21] بل أتيناهم بذكرهم [المؤمنون: 71] فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا [الحشر: 2] هل أتاك حديث الغاشية [الغاشية: 1] وما إلى ذلك.
وغير المتصلة بالضمير كقوله سبحانه: أتى أمر الله فلا تستعجلوه [سورة النحل: 1] كذلك ما أتى الذين من قبلهم [الذاريات: 52] فأتى الله بنيانهم من القواعد [النحل: 26] وما أشبه ذلك.
وأما علامة المد فهي إن أفادت معنى الإعطاء فهمزتها ممدودة، سواء اتصلت بضمير أم لم تتصل.
[ ص: 337 ] فمثال المتصلة بالضمير كقوله تعالى: فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة [آل عمران : 148] ولقد آتيناك سبعا [الحجر: 87] وابتغ فيما آتاك الله [القصص: 77] وآتيناهم بينات من الأمر [الجاثية: 17].
وغير المتصلة بالضمير مثل قوله تعالى: وآتى المال [البقرة: 177] وآت ذا القربى حقه [الإسراء: 26] وآتى الزكاة [البقرة: 177] وما إلى ذلك، والمد هنا من قبيل المد البدل الأصلي المذكور آنفا. فتنبه، وبالله التوفيق.
الكلام على الحكم الثالث من أحكام المد الفرعي المد اللازم
تقدم أن الحكم الثالث من أحكام المد الفرعي هو اللزوم، وهو خاص بالمد اللازم، وهذا هو النوع الخامس والأخير من أنواع المد الفرعي.
وتعريفه: أن يقع سكون أصلي - أي في الوصل والوقف - بعد حرف المد واللين، أو بعد حرف اللين وحده في كلمة أو في حرف.
[ ص: 338 ] أما الواقع بعد حرف المد واللين في كلمة ففي نحو: ولا الضالين [الفاتحة: 7] " آلآن " [يونس: 51، 91].
وأما الواقع بعد حرف المد واللين في حرف ففي نحو: ق [ق: 1] ص [ص: 1].
وأما الواقع بعد حرف اللين وحده فلا يكون إلا في الحرف وهو خاص [ ص: 339 ] بالعين من فاتحة سورتي مريم والشورى لا غير.
وسمي لازما للزوم سببه في حالتي الوصل والوقف، أو للزوم مده عند كل القراء مدا متساويا بمقدار ست حركات اتفاقا، سواء في الوصل أو في الوقف.
وكان حكمه اللزوم لما تقدم في وجه التسمية.
فإن طرأ على السكون الأصلي الذي بعد حرف المد تحريك للتخلص من التقاء الساكنين جاز في المد اللازم حينئذ وجهان، الإشباع وقدره ست حركات، والقصر وقدره حركتان، وذلك نحو "الميم" من الم فاتحة سورة آل عمران خاصة، بشرط وصلها بلفظ الجلالة بعدها.
أما إذا وقف عليها فالإشباع لا غير، وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة في باب البسملة إن شاء الله تعالى.
وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة إلى المد اللازم في إطاره العام بقوله:
فلازم إن جاء بعد حرف مد ساكن حالين وبالطول يمد
كما أشار إليه العلامة الجمزوري في تحفته بقوله رحمه الله:
ولازم إن السكون أصلا وصلا ووقفا بعد مد طولا
تنبيه: ذكر العلامة الشيخ خالد الأزهري في شرحه على المقدمة الجزرية جواز المد والقصر في نحو: فيه هدى [البقرة: 2] على قراءة ، وفي نحو: أبي عمرو ولا تيمموا [البقرة: 267] على قراءة ، وكذلك ذكر شيخ شيوخنا العلامة المحقق شيخ الإسلام الشيخ البزي زكريا الأنصاري في شرحه على المقدمة الجزرية أيضا جواز المدود [ ص: 340 ] الثلاثة في نحو: الرحيم مالك [الفاتحة: 3 - 4] في قراءة ، ونحو: أبي عمرو ولا تيمموا [البقرة: 267] في قراءة . البزي
قلت: وهذا سهو من الشيخين - رحمهما الله تعالى - وذلك بالنسبة لنحو: ولا تيمموا [البقرة: 267] أما بالنسبة لنحو: الرحيم مالك [الفاتحة: 3 - 4] و فيه هدى [البقرة: 2] في قراءة فجائز؛ لأن السكون العارض للإدغام كالعارض للوقف يجوز فيه المدود الثلاثة، ولا يجوز بحال في أبي عمرو ولا تيمموا [البقرة: 267] ونحوه مما ورد في رواية عن البزي ؛ لأنه من قبيل المد اللازم بالإجماع، وفي هذه المسألة يقول ابن كثير الحافظ ابن الجزري في الطيبة "وللصلة امدد والألف" والمراد من الأمر بالمد هنا هو المد اللازم لالتقاء الساكنين - كما تقدم - وبه قرأت، وبه آخذ قراءة وإقراء في هذه المسألة، وبالمدود الثلاثة في تلك، أي في نحو: الرحيم مالك [الفاتحة: 3 - 4] فيه هدى [البقرة: 2] عن ، علما بأن المدود الثلاثة في نحو: أبي عمرو الرحيم مالك [الفاتحة: 3 - 4] لم تسلم، بل هناك من يقول: إن المد في هذا الإدغام ملحق بالمد اللازم، وهذا عند غير الجمهور، أما الجمهور فهم الذين حكوا المدود الثلاثة فيه، والله أعلم. لأبي عمرو
هذا، وينقسم المد اللازم إلى أربعة أقسام نذكرها فيما يلي:
أقسام المد اللازم
ينقسم المد اللازم أولا إلى قسمين:
الأول: المد اللازم الكلمي.
الثاني: المد اللازم الحرفي.
وكل منهما ينقسم ثانيا إلى قسمين، مخفف ومثقل، وبذلك تصير الأقسام [ ص: 341 ] أربعة، وهي التي أشار إليها العلامة الجمزوري في التحفة بقوله:
أقسام لازم لديهم أربعه وتلك كلمي وحرفي معه
كلاهما مخفف مثقل فهذه أربعة تفصل
ولكل قسم من هذه الأقسام الأربعة كلام خاص نفصله فيما يلي:
القسم الأول: المد اللازم الكلمي المثقل: وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين سكون أصلي مدغم - أي مشدد - في كلمة، نحو: الضالين [الفاتحة: 7] دابة [البقرة: 164] " الحاقة " [الحاقة: 1 - 3] ومنه " آلذكرين " [الأنعام: 143، 144] في موضعي الأنعام، و آلله [الآية: 59] موضع بسورة سيدنا يونس - عليه الصلاة والسلام - وموضع بالنمل على وجه الإبدال في الأربعة.
وسمي كلميا لوقوع الساكن الأصلي بعد حرف المد واللين في كلمة، ومثقلا لكون الساكن مدغما، وتقدم سبب تسميته لازما.
القسم الثاني: المد اللازم الكلمي المخفف، وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين سكون أصلي غير مدغم - أي مخفف - في كلمة، نحو: " آلآن " [الآية: 51، 91] في موضعي سورة سيدنا يونس - عليه الصلاة والسلام - على وجه الإبدال في غير قراءة نافع وابن وردان عن ، وليس في التنزيل غير هذين الموضعين بالنسبة لرواية أبي جعفر حفص عن ، أما بالنسبة لغيره من القراء فكثير في القرآن الكريم، نحو: عاصم يا حسرتا [الزمر: 56] عند من زاد الياء بعد الألف وأسكنها ومحياي [الأنعام: 162] عند من أسكن الياء، وغير ذلك مما يصعب حصره.
وسمي كلميا لما تقدم، ومخففا لكون السكون غير مدغم.
[ ص: 342 ] القسم الثالث: المد اللازم الحرفي المثقل: وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين سكون أصلي مدغم - أي مشدد - في حرف، ويشترط في هذا الحرف أن يكون هجاؤه على ثلاثة أحرف، ثانيها حرف مد ولين، وثالثها ساكن سكونا أصليا، وذلك نحو اللام من الم [البقرة: 1].
وسمي حرفيا لوقوع الساكن الأصلي بعد حرف المد واللين في حرف، ومثقلا لكون الساكن مدغما.
القسم الرابع: المد اللازم الحرفي المخفف: وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده سكون أصلي غير مدغم - أي مخفف - في حرف، ويشترط في هذا الحرف ما تقدم في نظيره قريبا".
فمثال السكون الواقع بعد حرف المد واللين نحو: ص [الأعراف: 1] ن [القلم: 1] والميم من حم [غافر: 1].
ومثال السكون الواقع بعد حرف اللين وحده هو "العين" من فاتحة سورتي مريم والشورى، وليس غيره في التنزيل.
وسمي حرفيا لما سبق، ومخففا لكون السكون الأصلي غير مدغم.
وقد أشار العلامة الجمزوري في التحفة إلى ضابط كل قسم من أقسام المد اللازم الأربعة بقوله:
فإن بكلمة سكون اجتمع مع حرف مد فهو كلمي وقع
أو في ثلاثي الحروف وجدا والمد وسطه فحرفي بدا
كلاهما مثقل إن أدغما مخفف كل إذا لم يدغما