( ) لقوله عليه الصلاة والسلام في وصية أمراء الأجناد { ولا يجوز أن يقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام إلا أن يدعوه } ولأنهم بالدعوة يعلمون أنا نقاتلهم على الدين لا على سلب الأموال وسبي الذراري فلعلهم يجيبون فنكفى مؤنة القتال ، ولو قاتلهم قبل الدعوة أثم للنهي ، ولا غرامة لعدم العاصم وهو الدين أو الإحراز بالدار فصار كقتل النسوان والصبيان فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله مبالغة في الإنذار ، ولا يجب ذلك لأنه صح { ( ويستحب أن يدعو من بلغته الدعوة ) بني المصطلق وهم غارون } . { أن النبي عليه الصلاة والسلام أغار على رضي الله عنه أن يغير على أسامة أبنى صباحا ثم يحرق } والغارة لا تكون بدعوة . [ ص: 447 ] قال ( فإن أبوا ذلك استعانوا بالله عليهم وحاربوهم ) لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث وعهد إلى سليمان بن بريدة { } ولأنه تعالى هو الناصر لأوليائه والمدمر على أعدائه فيستعان به في كل الأمور . فإن أبوا ذلك فادعهم إلى إعطاء الجزية ، إلى أن قال : فإن أبوها فاستعن بالله عليهم وقاتلهم
قال ( ونصبوا عليهم المجانيق ) كما نصب رسول الله عليه الصلاة والسلام على الطائف ( وحرقوهم ) لأنه عليه الصلاة والسلام أحرق البويرة .
قال ( وأرسلوا عليهم الماء وقطعوا أشجارهم وأفسدوا زروعهم ) لأن في جميع ذلك إلحاق الكبت والغيظ بهم وكسرة شوكتهم وتفريق جمعهم فيكون مشروعا ، ( ولا بأس برميهم ، وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر ) لأن في الرمي دفع الضرر العام بالذب عن بيضة الإسلام ، وقتل الأسير والتاجر ضرر خاص ، [ ص: 448 ] ولأنه قلما يخلو حصن عن مسلم ، فلو امتنع باعتباره لانسد بابه ( وإن تترسوا بصبيان المسلمين أو بالأسارى لم يكفوا عن رميهم ) لما بيناه ( ويقصدون بالرمي الكفار ) لأنه إن تعذر التمييز فعلا فلقد أمكن قصدا ، والطاعة بحسب الطاقة ، وما أصابوه منهم لا دية عليهم ولا كفارة لأن الجهاد فرض والغرامات لا تقرن بالفروض . [ ص: 449 ] بخلاف حالة المخمصة لأنه لا يمتنع مخافة الضمان لما فيه من إحياء نفسه .
أما الجهاد فمبني على إتلاف النفس فيمتنع حذار الضمان