قال : هي بلغة قريش: أصد الباب أغلقه يعني قوله: مجاهد مؤصدة وقال : يعني : أبوابها مطبقة عليهم، فلا يفتح لها باب، ولا يخرج منها غم، ولا يدخل فيها روح آخر الأبد . مقاتل
وقد ورد في ذلك حديث مرفوع خرجه من طريق ابن مردويه شجاع بن أشرس حدثنا عن شريك، ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنها عليهم مؤصدة قال: "مطبقة"، ولكن رفعه لا يصح .
وقد خرجه في "تفسيره" عن آدم بن أبي إياس بهذا الإسناد موقوفا عن شريك ، ورواه أبي هريرة عن إسماعيل بن أبي خالد من قوله ولم يذكر فيه أبي صالح ، وكذا قال أبا هريرة وغيره في "المؤصدة" أنها المطبقة . عطاء الخراساني
وعن قال: حائط لا باب له، ومراده - والله أعلم - أن الأبواب أطبقت فصار الجدار كأنه لا باب له، وقوله تعالى: الضحاك إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة معناه: أطبقت عليهم بعمد، قال : وكذلك [ ص: 629 ] هو في قراءة قتادة بعمد بالباء، قال عطية: هي عمد من حديد في النار . عبد الله
وقال : أطبقت الأبواب عليهم ثم شدت بأوتاد من حديد حتى يرجع عليهم غمها وحرها . وعلى هذا فقوله: مقاتل ممددة صفة للعمد يعني أن العمد التي أوثقت بها الأبواب ممددة مطولة، والممدود الطويل أرسخ وأثبت من القصير . وفي "تفسير " عن العوفي في قوله: ابن عباس في عمد ممددة قال: هي عليهم مغلقة أدخلهم في عمد فمدت عليهم بعماد وفي أعناقهم السلاسل فسدت به الأبواب
وقيل: إن الممددة صفة للأبواب . رواه شبيب بن بشير عن عن عكرمة وقيل: المراد بالعمد الممددة: القيود الطوال . رواه ابن عباس عن إسماعيل بن أبي خالد ، ورواه أبي صالح أبو خباب عن الكلبي عن زبيد إبراهيم، قال: قال في قوله تعالى: عبد الله بن مسعود في عمد ممددة قال: هي الأدهم، وقد تقدم أن كان يقرؤها بعمد والأدهم: القيد . وكذا قال عبد الله ابن زيد في قوله: في عمد ممددة قال: في عمد من حديد مغلولين فيه، وتلك العمد من نار قد احترقت من النار فهي ممددة لهم . وقيل: إن المراد بالعمد الممددة: الزمان الذي لا انقطاع له . قاله أبو فاطمة .
وقال : من قرأها السدي في عمد يعني بالفتح فهي عمد من نار، ومن قرأها في (عمد) يعني بالضم فهو أجل ممدود .
وقال عن سعيد بن بشير : قتادة مؤصدة أي: مطبقة أطبقها الله عليهم فلا ضوء فيها ولا فرج ولا خروج منها آخر الأبد . [ ص: 630 ] وهذا الإطباق نوعان:
أحدهما: خاص لمن يدخل في النار أو من يريد التضييق عليه، أجارنا الله من ذلك،
قال أبو توبة اليزني: إن خرجه في النار أقواما مؤصدة عليهم كما يطبق الحق على طبقه، . ابن أبي حاتم
والثاني: الإطباق العام وهو إطباق النار على أهلها المخلدين فيها . وقد قال وغيره في قوله تعالى: سفيان لا يحزنهم الفزع الأكبر قالوا: هو طبق النار على أهلها .
وفي حديث مسكين أبي فاطمة عن اليمان بن يزيد ، عن عن محمد بن حمير . محمد بن علي، عن أبيه، عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خروج الموحدين من النار، قال: "ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار وأطباق من نار، فيطبقونها على من بقي فيها ويسمرونها بتلك المسامير، يتناساهم الجبار على عرشه من رحمته، ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم " خرجه وغيره، وهو حديث منكر; قاله الإسماعيلي . الدارقطني
وروى بإسناده عن ابن أبي حاتم ، قال: ينادي رجل في شعب من شعاب النار مقدار ألف عام، يا حنان يا منان، فيقول الله تعالى: يا جبريل أخرج عبدي، فيجدها مطبقة، فيقول: يا رب إنها عليهم مطبقة مؤصدة . وقال سعيد بن جبير عن قتادة أبي أيوب العتكي عن : إذا أجاب الله أهل النار بقوله: عبد الله بن عمرو اخسئوا فيها ولا تكلمون أطبقت عليهم . فيئس القوم بعد تلك الكلمة، وإن كان إلا الزفير والشهيق . [ ص: 631 ] وقال أبو الزعراء عن : وإذا قيل لهم: ابن مسعود اخسئوا فيها ولا تكلمون أطبقت عليهم فلم يخرج منهم أحد .
وقال : إذا كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار عنيد . وكل شيطان مريد، وبكل من يخاف في الدنيا شره العبيد، فأوثقوا بالحديد . ثم أمر بهم إلى جهنم التي لا تبيد، ثم أوصدها عليهم ملائكة رب العبيد . قال: فلا والله لا تستقر أقدامهم على قرار أبدا، ولا والله لا ينظرون فيها إلى أديم سماء أبدا، ولا والله لا تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبدا . ولا والله لا يذوقون فيها بارد شراب أبدا . أبو عمران الجوني
وفي معنى إطباق النار على أهلها يقول بعض السلف - رضي الله عنهم -: ألبسوا النضيج من النحاس ، ومنعوا خروج الأنفاس، فالأنفاس في أجوافهم تتردد، والنيران على أبدانهم توقد، قد أطبقت عليهم الأبواب وغضب عليهم رب الأرباب، وأنشد بعضهم في هذا المعنى:
لو أبصرت عيناك أهل الشقا . سيقوا إلى النار وقد أحرقوا يصلونها حين عصوا ربهم .
وخالفوا الرسل وما صدقوا تقول أخراهم لأولاهم .
في لجج المهل وقد أغرقوا قد كنتم حذرتم حرها .
لكن من النيران لم تفرقوا وجيء بالنيران مزمومة .
شرارها من حولها محرق وقيل للنيران أن أحرقي .
وقيل للخزان أن أطبقوا
وقد ورد في بعض أحاديث الشفاعة فتح باب النار، فخرج من [ ص: 632 ] رواية الطبراني العباس بن عوسجة، حدثني مطر أبو موسى مولى آل طلحة ، عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أبي هريرة إسناده ضعيف . "إني آتي جهنم فأضرب بابها، فيفتح لي فأدخلها، فأحمد الله بمحامد ما حمده بها أحد قبلي مثلها ولا يحمده أحد بعدي، ثم أخرج منها من قال: لا إله إلا الله مخلصا، فيقوم إلي ناس من قريش فينتسبون إلي، فأعرف نسبهم ولا أعرف وجوههم فأتركهم في النار"