قوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا
[قال ] : "باب هل يقال: مسجد بني فلان ": البخاري
ابتدأ - رحمه الله - من هنا في ذكر المساجد وأحكامها، فأول ما ذكره من ذلك: أنه يجوز البخاري لعمارتهم إياها، أو مجاورتهم لها . وقد كره ذلك بعض المتقدمين، وتعلق بقوله تعالى: نسبة المساجد إلى القبائل، وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا
والصحيح: أن الآية لم يرد بها ذلك، وأنها نزلت في النهي عن أن يشرك بالله في المساجد في عبادته غيره، كما يفعل أهل الكتاب في كنائسهم وبيعهم . [ ص: 501 ] وقيل: إن المراد بالمساجد الأرض كلها، فإنها لهذه الأمة مساجد، وهي كلها لله، فنهى الله أن يسجد عليها لغيره . وقيل: إن المراد بالمساجد أعضاء السجود نفسها، وهي لله، فإنه هو خلقها وجمعها وألفها، فمن شكره على هذه النعمة أن لا يسجد بها لغيره .
وقد قيل: إن قوله تعالى وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا يدل - أيضا - على أنه لا يجوز إضافة المساجد إلى مخلوق إضافة ملك واختصاص .
وأخذ بعض أصحابنا من ذلك كالوزير ابن هبيرة : أنه لا يجوز نسبة شيء من المساجد إلى بعض طوائف المسلمين للاختصاص بها، فيقال: هذه المساجد للطائفة الفلانية، وهذه للطائفة الأخرى، فإنها مشتركة بين المسلمين عموما .
وذكر بعض المتأخرين من أصحابنا في صحة اشتراط ذلك في وقفها وجهين .
وأما إضافة المسجد إلى ما يعرفه به فليس بداخل في ذلك، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضيف مسجده إلى نفسه، فيقول: "مسجدي هذا" ويضيف مسجد قباء إليه، ويضيف مسجد بيت المقدس إلى إيلياء، وكل هذه إضافات للمساجد إلى غير الله لتعريف أسمائها، وهذا غير داخل في النهي . والله أعلم .