قوله تعالى: ادعوني أستجب لكم
وقال رحمه الله تعالى في موعظته حين سألوه عن قوله تعالى: إبراهيم بن أدهم ادعوني أستجب لكم وإنا ندعوه فلم يستجب لنا . فقال: عرفتم الله فلم تطيعوه، وقرأتم القرآن فلم تعملوا به، وعرفتم الشيطان فوافقتموه، وادعيتم حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتركتم سنته وادعيتم حب الجنة ولم تعملوا لها وادعيتم خوف النار ولم تنتهوا عن الذنوب، وقلتم: إن الموت حق ولم تستعدوا له، واشتغلتم بعيوب غيركم ولم تنظروا إلى عيوبكم، وتأكلون رزق الله ولا تشكرون، وتدفنون أمواتكم ولا تعتبرون
* * *
[ ص: 231 ] كما قال تعالى: الدعاء مأمور به، وموعود عليه بالإجابة، وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
وفي "السنن الأربعة عن . عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: النعمان بن بشير ثم تلا هذه الآية . وفي حديث آخر خرجه "إن الدعاء هو العبادة" مرفوعا: الطبراني ادعوني أستجب لكم " . "من أعطي الدعاء، أعطي الإجابة، لأن الله تعالى يقول:
وفي حديث آخر: "ما كان الله ليفتح على عبد باب الدعاء، ويغلق عنه باب الإجابة " . لكن الدعاء سبب مقتض للإجابة مع استكمال شرائطه، وانتفاء موانعه . وقد تتخلف إصابته، لانتفاء بعض شروطه، أو وجود بعض موانعه . ومن أعظم شرائطه: حضور القلب، ورجاء الإجابة من الله، كما خرجه من حديث الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي هريرة "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه " .
وفي "المسند" عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: عبد الله بن عمرو "إن هذه القلوب أوعية لبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، [ ص: 232 ] فإن الله لا يستجيب لعبد دعاء من ظهر قلب غافل " .
ولهذا نهي العبد أن يقول في دعائه: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له .
ونهي أن يستعجل، ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة، وجعل ذلك من موانع الإجابة حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دعائه ولو طالت المدة . فإنه وجاء في الآثار: إن العبد إذا دعا ربه وهو يحبه، قال: "يا سبحانه يحب الملحين في الدعاء . جبريل، لا تعجل بقضاء حاجة عبدي، فإني أحب أن أسمع صوته " .
وقال تعالى: وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين فما دام العبد يلح في الدعاء، ويطمع في الإجابة من غير قطع الرجاء، فهو قريب من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب، يوشك أن يفتح له .
وفي "صحيح " عن الحاكم مرفوعا: أنس "لا تعجزوا عن الدعاء، فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد" .