وفي حديث الذي خرجه أهل السنن أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أول قدومه عبد الله بن سلام المدينة يقول: "أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا [ ص: 174 ] الأرحام ،وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " .
وفي حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: عبادة خرجه "أنه سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: " إيمان بالله وجهاد في سبيله وحج مبرور، وأهون من ذلك إطعام الطعام ولين الكلام " . الإمام أحمد
وفي حديث هانئ بن يزيد وفي حديث أن رجلا قال: يارسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: " تطعم الطعام وتفشي السلام " . عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حذيفة "من ختم له بإطعام مسكين دخل الجنة" .
وفي "الصحيحين " من حديث عبد الله بن عمرو أن رجلا قال: يا رسول الله، أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " .
وفي حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صهيب خرجه "خيركم من أطعم الطعام " . فإطعام الطعام يوجب دخول الجنة، ويباعد من النار، وينجي منها كما قال تعالى: الإمام أحمد فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة [ ص: 175 ] وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: وكان "اتقوا النار ولو بشق تمرة" - رضي الله عنه - يقول لولده: اذكروا صاحب الرغيف، ثم ذكر أن رجلا من بني إسرائيل عبد الله سبعين سنة ثم إن الشيطان حسن في عينيه امرأة فأقام معها سبعة أيام ثم خرج هاربا فأقام مع مساكين فتصدق عليه برغيف، كان بعض أولئك المساكين يريده فآثره به ثم مات، فوزن عبادته بالسبعة الأيام التي مع المرأة فرجحت الأيام السبعة بعبادته، ثم وزن الرغيف بالسبعة الأيام فرجح بها . أبو موسى الأشعري
ويتأكد إطعام الطعام للجائع وللجيران خصوصا، وفي "الصحيح " عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي موسى الأشعري "أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني " .
وفي "صحيح " عن مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: أبي ذر "إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك " .
وفي المسند، وصحيح عن ابن حبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: عمر "أيما عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعا، فقد برئت منهم ذمة الله عز وجل " . وقال - صلى الله عليه وسلم -: " لا يشبع المؤمن دون جاره" . وفي "صحيح " عن الحاكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن عباس "ليس بالمؤمن الذي يشبع وجاره جائع " وفي رواية: ما آمن من بات شبعان وجاره طاويا . كما وصف الله تعالى [ ص: 176 ] بذلك الأنصار - رضي الله عنهم - فقال: فأفضل أنواع إطعام الطعام الإيثار مع الحاجة ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وقد صح ونزلت هذه الآية . أن سبب نزولها أن رجلا منهم أخذ ضيفا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - يضيفه فلم يجد عنده إلا قوت صبيانه، فاحتال هو وامرأته حتى نوما صبيانهما وقام إلى السراج كأنه يصلحه فأطفأه، ثم جلس مع الضيف يريه أنه يأكل معه ولم يأكل فلما غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "عجب الله من صنيعكما الليلة"
وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره غيره وهو صائم ويصبح صائما . منهم - رضي الله عنهما -، عبد الله بن عمر وداود الطائي، وعبد العزيز بن سليمان، ، ومالك بن دينار وأحمد بن حنبل ، وغيرهم، وكان لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين وربما علم أن أهله قد ردوهم عنه فلم يفطر تلك الليلة . ابن عمر
ومنهم من كان لا يأكل إلا مع ضيف له . قال أبو السوار العدوي: كان رجال من بني عدي يصلون في المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه .
وكان منهم من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم . ويروحهم، منهم الحسن، ، وكان وابن المبارك ربما يشتهي الشيء فلا يصنعه إلا لضيف ينزل به فيأكله مع ضيفه، وكان كثير منهم يفضل إطعام الإخوان على الصدقة على المساكين . وقد روي هذا المعنى مرفوعا من حديث ابن المبارك بإسناد ضعيف، ولاسيما إن كان الإخوان لا يجدون مثل ذلك الطعام . أنس
كان بعضهم يعمل الأطعمة الفاخرة ثم يطعمها إخوانه الفقراء ويقول: إنهم [ ص: 177 ] لا يجدونها، وبعضهم يصنع له طعام ولا يأكل ويقول: إني لا أشتهيه وإنما صنعته لأجلكم، وبعضهم اتخذ حلاوة فأطعمها المعتوه، فقال له أهله: إن هذا لا يدري ما يأكل، فقال: لكن الله يدري .
واشتهى حلواء، فلما صنعت له دعا بالفقراء فأكلوا، فقال له أهله: أتعبتنا ولم تأكل ، فقال: ومن أكله غيري، وقال آخر منهم وجرى له نحو من ذلك: إذا أكلته كان في الحش وإذا أطعمته كان عند الله مدخورا . الربيع بن خثيم
وروي عن قال: لأن أجمع أناسا من إخواني على صاع من طعام أحب إلي من أن أدخل سوقكم هذه فأبتاع نسمة فأعتقها . علي
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاما يشتهونه، أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل .
أأصف الإيثار لمن يبخل بأداء الحقوق الواجبة عليه، أأطلب الشجاعة من الجبان، وأستشهد على رؤية الهلال من هو من جملة العميان، كم بين من قيل فيه: فلما آتاهم من فضله بخلوا به وبين من قيل فيه: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة بيننا وبين القوم كما بين اليقظة والنوم .
لا تعرضن لذكرنا في ذكرهم ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
فيا من يطمع في علو الدرجات من غير عمل صالح هيهات هيهات أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات
نزلوا بمكة في قبائل نوفل ونزلت بالبيداء أبعد منزل