[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . قال الشيخ
الإمام أبو العباس أحمد بن تيمية رضي الله عنه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله ; أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 6 ] قاعدة في القرآن وكلام الله فإن الأمة اضطربت في هذا اضطرابا عظيما وتفرقوا واختلفوا بالظنون والأهواء بعد مضي القرون الثلاثة لما حدثت فيهم
الجهمية المشتقة من
الصابئة وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=185&ayano=2وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه } والاختلاف " نوعان " : اختلاف في تنزيله واختلاف في تأويله . والمختلفون الذين ذمهم الله هم المختلفون في الحق بأن ينكر هؤلاء الحق الذي مع هؤلاء أو بالعكس . فإن الواجب الإيمان بجميع الحق المنزل . فأما من آمن بذلك وكفر به غيره فهذا اختلاف يذم فيه أحد الصنفين كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=262&ayano=2تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } إلى قوله :
[ ص: 7 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=262&ayano=2ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر } والاختلاف في تنزيله أعظم وهو الذي قصدنا هنا فنقول : " الاختلاف في تنزيله " هو بين المؤمنين والكافرين فإن المؤمنين يؤمنون بما أنزل والكافرون كفروا بالكتاب وبما أرسل الله به رسله فسوف يعلمون فالمؤمنون بجنس الكتاب والرسل من المسلمين
واليهود والنصارى والصابئين يؤمنون بذلك والكافرون بجنس الكتاب والرسل من
المشركين والمجوس والصابئين يكفرون بذلك .
وذلك أن الله أرسل الرسل إلى الناس لتبلغهم كلام الله الذي أنزله إليهم فمن آمن بالرسل آمن بما بلغوه عن الله ومن كذب بالرسل كذب بذلك . فالإيمان بكلام الله داخل في الإيمان برسالة الله إلى عباده والكفر بذلك هو الكفر بهذا فتدبر هذا الأصل فإنه فرقان هذا الاشتباه ; ولهذا كان من يكفر بالرسل : تارة يكفر بأن الله له كلام أنزله على بشر كما أنه قد يكفر برب العالمين : مثل
فرعون وقومه قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1376&ayano=10أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس } الآية وقال تعالى عن
نوح وهود : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1024&ayano=7أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم } وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=886&ayano=6وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء } إلى آخر الكلام
[ ص: 8 ] فإن في هذه الآيات تقرير قواعد وقال عن الوحيد : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5594&ayano=74إن هذا إلا قول البشر } .
ولهذا كان أصل " الإيمان " الإيمان بما أنزله . قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2الم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } وفي وسط السورة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=145&ayano=2قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم } الآية . وفي آخرها : {
nindex.php?page=tafseer&surano=294&ayano=2آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله } الآيتين . وفي السورة التي تليها : {
nindex.php?page=tafseer&surano=297&ayano=2الم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=298&ayano=2الله لا إله إلا هو الحي القيوم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=299&ayano=3نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل } {
nindex.php?page=tafseer&surano=300&ayano=3من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان } . وذكر في أثناء السورة الإيمان بما أنزل وكذلك في آخرها : {
nindex.php?page=tafseer&surano=489&ayano=3ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=495&ayano=3وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم } الآية .
ولهذا عظم تقرير هذا الأصل في القرآن . فتارة يفتتح به السورة إما إخبارا كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ذلك الكتاب } وقوله . {
nindex.php?page=tafseer&surano=1375&ayano=10الر تلك آيات الكتاب الحكيم } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1485&ayano=11الر كتاب أحكمت آياته } الآية . وكذلك ال " طس " وال " حم " . فعامة ال " الم " وال " الر " وال " طس " وال " حم " كذلك .
[ ص: 9 ] وإما ثناء بإنزاله كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2159&ayano=18الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2881&ayano=25تبارك الذي نزل الفرقان على عبده } الآية .
وأما في أثناء السور فكثير جدا وثنى قصة
موسى مع
فرعون ; لأنهما في طرفي نقيض في الحق والباطل فإن
فرعون في غاية الكفر والباطل حيث كفر بالربوبية وبالرسالة
وموسى في غاية الحق والإيمان من جهة أن الله كلمه تكليما لم يجعل الله بينه وبينه واسطة من خلقه فهو مثبت لكمال الرسالة وكمال التكلم ومثبت لرب العالمين بما استحقه من النعوت وهذا بخلاف أكثر الأنبياء مع الكفار فإن الكفار أكثرهم لا يجحدون وجود الله ولم يكن أيضا للرسل من التكليم ما
لموسى ; فصارت قصة
موسى وفرعون أعظم القصص وأعظمها اعتبارا لأهل الإيمان ولأهل الكفر ; ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص على أمته عامة ليله عن
بني إسرائيل وكان يتأسى
بموسى في أمور كثيرة ولما بشر بقتل
أبي جهل يوم
بدر قال هذا
فرعون هذه الأمة وكان
فرعون وقومه من الصابئة
المشركين الكفار ; ولهذا كان يعبد آلهة من دون الله كما أخبر الله عنه بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1088&ayano=7ويذرك وآلهتك } وإن كان عالما بما جاء به
موسى مستيقنا له لكنه كان جاحدا مثبورا كما أخبر الله بذلك في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3199&ayano=27فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3200&ayano=27وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } الآية . وقال تعالى :
[ ص: 10 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=2147&ayano=17ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2148&ayano=17لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر } الآية .
والكفار بالرسل من
قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب وقوم إبراهيم وموسى ومشركي
العرب والهند والروم والبربر والترك واليونان والكشدانيين وسائر الأمم المتقدمين والمستأخرين يتبعون ظنونهم وأهواءهم ويعرضون عن ذكر الله الذي آتاهم من عنده كما قال لهم لما أهبط
آدم من الجنة {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } وفي موضع آخر : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2491&ayano=20فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2492&ayano=20ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } الآية . وفي أخرى {
nindex.php?page=tafseer&surano=996&ayano=7إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي } .
ثم إنهم مع أنهم ما نزل الله بما هم عليه من سلطان {
nindex.php?page=tafseer&surano=4860&ayano=53إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس } يزعمون أن لهم العقل والرأي والقياس العقلي والأمثال المضروبة ويسمون أنفسهم الحكماء
والفلاسفة ويدعون الجدل والكلام والقوة والسلطان والمال ويصفون أتباع المرسلين بأنهم سفهاء وأراذل وضلال ويسخرون منهم قال الله تعالى :
[ ص: 11 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=4256&ayano=40فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5960&ayano=83إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون } إلى قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=5964&ayano=83وما أرسلوا عليهم حافظين } وقال تعالى عن
قوم نوح : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3069&ayano=26أنؤمن لك واتبعك الأرذلون } وقالوا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1511&ayano=11وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=221&ayano=2زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1522&ayano=11وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه } بل هم يصفون الأنبياء بالجنون والسفه والضلال وغير ذلك كما قالوا عن
نوح : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4909&ayano=54مجنون وازدجر } وقالوا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1021&ayano=7إنا لنراك في ضلال مبين }
ولهود : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1027&ayano=7إنا لنراك في سفاهة } .
[ ص: 5 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ . قَالَ الشَّيْخُ
الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تيمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ; أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 6 ] قَاعِدَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ اللَّهِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ اضْطَرَبَتْ فِي هَذَا اضْطِرَابًا عَظِيمًا وَتَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا بِالظُّنُونِ وَالْأَهْوَاءِ بَعْدَ مُضِيِّ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ لَمَّا حَدَثَتْ فِيهِمْ
الجهمية الْمُشْتَقَّةُ مِنْ
الصَّابِئَةِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=185&ayano=2وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ } وَالِاخْتِلَافُ " نَوْعَانِ " : اخْتِلَافٌ فِي تَنْزِيلِهِ وَاخْتِلَافٌ فِي تَأْوِيلِهِ . وَالْمُخْتَلِفُونَ الَّذِينَ ذَمَّهُمْ اللَّهُ هُمْ الْمُخْتَلِفُونَ فِي الْحَقِّ بِأَنْ يُنْكِرَ هَؤُلَاءِ الْحَقَّ الَّذِي مَعَ هَؤُلَاءِ أَوْ بِالْعَكْسِ . فَإِنَّ الْوَاجِبَ الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ الْحَقِّ الْمُنَزَّلِ . فَأَمَّا مَنْ آمَنَ بِذَلِكَ وَكَفَرَ بِهِ غَيْرُهُ فَهَذَا اخْتِلَافٌ يُذَمُّ فِيهِ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=262&ayano=2تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } إلَى قَوْلِهِ :
[ ص: 7 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=262&ayano=2وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ } وَالِاخْتِلَافُ فِي تَنْزِيلِهِ أَعْظَمُ وَهُوَ الَّذِي قَصَدْنَا هُنَا فَنَقُولُ : " الِاخْتِلَافُ فِي تَنْزِيلِهِ " هُوَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ وَالْكَافِرُونَ كَفَرُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ فَالْمُؤْمِنُونَ بِجِنْسِ الْكِتَابِ وَالرُّسُلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ وَالْكَافِرُونَ بِجِنْسِ الْكِتَابِ وَالرُّسُلِ مِنْ
الْمُشْرِكِينَ وَالْمَجُوسِ وَالصَّابِئِينَ يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ .
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ إلَى النَّاسِ لِتُبَلِّغَهُمْ كَلَامَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إلَيْهِمْ فَمَنْ آمَنَ بِالرُّسُلِ آمَنَ بِمَا بَلَّغُوهُ عَنْ اللَّهِ وَمَنْ كَذَّبَ بِالرُّسُلِ كَذَّبَ بِذَلِكَ . فَالْإِيمَانُ بِكَلَامِ اللَّهِ دَاخِلٌ فِي الْإِيمَانِ بِرِسَالَةِ اللَّهِ إلَى عِبَادِهِ وَالْكُفْرُ بِذَلِكَ هُوَ الْكُفْرُ بِهَذَا فَتَدَبَّرْ هَذَا الْأَصْلَ فَإِنَّهُ فُرْقَانُ هَذَا الِاشْتِبَاهِ ; وَلِهَذَا كَانَ مَنْ يَكْفُرُ بِالرُّسُلِ : تَارَةً يَكْفُرُ بِأَنَّ اللَّهَ لَهُ كَلَامٌ أَنْزَلَهُ عَلَى بَشَرٍ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكْفُرُ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ : مِثْلُ
فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1376&ayano=10أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ } الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى عَنْ
نُوحٍ وَهُودٍ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1024&ayano=7أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=886&ayano=6وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } إلَى آخِرِ الْكَلَامِ
[ ص: 8 ] فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ تَقْرِيرَ قَوَاعِدَ وَقَالَ عَنْ الْوَحِيدِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5594&ayano=74إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } .
وَلِهَذَا كَانَ أَصْلُ " الْإِيمَانِ " الْإِيمَانَ بِمَا أَنْزَلَهُ . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2الم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ } وَفِي وَسَطِ السُّورَةِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=145&ayano=2قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلَى إبْرَاهِيمَ } الْآيَةَ . وَفِي آخِرِهَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=294&ayano=2آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } الْآيَتَيْنِ . وَفِي السُّورَةِ الَّتِي تَلِيهَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=297&ayano=2الم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=298&ayano=2اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=299&ayano=3نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=300&ayano=3مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ } . وَذَكَرَ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ الْإِيمَانَ بِمَا أُنْزِلَ وَكَذَلِكَ فِي آخِرِهَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=489&ayano=3رَبَّنَا إنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=495&ayano=3وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْهِمْ } الْآيَةَ .
وَلِهَذَا عَظُمَ تَقْرِيرُ هَذَا الْأَصْلِ فِي الْقُرْآنِ . فَتَارَةً يَفْتَتِحُ بِهِ السُّورَةَ إمَّا إخْبَارًا كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ } وَقَوْلِهِ . {
nindex.php?page=tafseer&surano=1375&ayano=10الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1485&ayano=11الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } الْآيَةَ . وَكَذَلِكَ الْ " طس " وَاَلْ " حم " . فَعَامَّةُ الْ " الم " وَاَلْ " الر " وَاَلْ " طس " وَاَلْ " حم " كَذَلِكَ .
[ ص: 9 ] وَإِمَّا ثَنَاءً بِإِنْزَالِهِ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2159&ayano=18الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2881&ayano=25تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ } الْآيَةَ .
وَأَمَّا فِي أَثْنَاءِ السُّورِ فَكَثِيرٌ جِدًّا وَثَنَّى قِصَّةَ
مُوسَى مَعَ
فِرْعَوْنَ ; لِأَنَّهُمَا فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَإِنَّ
فِرْعَوْنَ فِي غَايَةِ الْكُفْرِ وَالْبَاطِلِ حَيْثُ كَفَرَ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَبِالرِّسَالَةِ
وَمُوسَى فِي غَايَةِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةً مِنْ خَلْقِهِ فَهُوَ مُثْبِتٌ لِكَمَالِ الرِّسَالَةِ وَكَمَالِ التَّكَلُّمِ وَمُثْبِتٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ بِمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ النُّعُوتِ وَهَذَا بِخِلَافِ أَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ الْكُفَّارِ فَإِنَّ الْكُفَّارَ أَكْثَرُهُمْ لَا يَجْحَدُونَ وُجُودَ اللَّهِ وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا لِلرُّسُلِ مِنْ التَّكْلِيمِ مَا
لِمُوسَى ; فَصَارَتْ قِصَّةُ
مُوسَى وَفِرْعَوْنَ أَعْظَمَ الْقِصَصِ وَأَعْظَمُهَا اعْتِبَارًا لِأَهْلِ الْإِيمَانِ وَلِأَهْلِ الْكُفْرِ ; وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ عَلَى أُمَّتِهِ عَامَّةَ لَيْلِهِ عَنْ
بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَانَ يَتَأَسَّى
بِمُوسَى فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَلَمَّا بُشِّرَ بِقَتْلِ
أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ
بَدْرٍ قَالَ هَذَا
فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَانَ
فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ مِنْ الصَّابِئَةِ
الْمُشْرِكِينَ الْكُفَّارِ ; وَلِهَذَا كَانَ يَعْبُدُ آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1088&ayano=7وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا جَاءَ بِهِ
مُوسَى مُسْتَيْقِنًا لَهُ لَكِنَّهُ كَانَ جَاحِدًا مَثْبُورًا كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3199&ayano=27فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3200&ayano=27وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } الْآيَةَ . وَقَالَ تَعَالَى :
[ ص: 10 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=2147&ayano=17وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2148&ayano=17لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ } الْآيَةَ .
وَالْكُفَّارُ بِالرُّسُلِ مِنْ
قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَشُعَيْبٍ وَقَوْمِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَمُشْرِكِي
الْعَرَبِ وَالْهِنْدِ وَالرُّومِ وَالْبَرْبَرِ وَالتُّرْكِ وَالْيُونَانِ والكشدانيين وَسَائِرِ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُسْتَأْخِرِين يَتَّبِعُونَ ظُنُونَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ وَيُعْرِضُونَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ الَّذِي آتَاهُمْ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا قَالَ لَهُمْ لَمَّا أُهْبِطَ
آدَمَ مِنْ الْجَنَّةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=2فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2491&ayano=20فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2492&ayano=20وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } الْآيَةَ . وَفِي أُخْرَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=996&ayano=7إمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي } .
ثُمَّ إنَّهُمْ مَعَ أَنَّهُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانٍ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4860&ayano=53إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ } يَزْعُمُونَ أَنَّ لَهُمْ الْعَقْلَ وَالرَّأْيَ وَالْقِيَاسَ الْعَقْلِيَّ وَالْأَمْثَالَ الْمَضْرُوبَةَ وَيُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ الْحُكَمَاءَ
وَالْفَلَاسِفَةَ وَيَدَّعُونَ الْجَدَلَ وَالْكَلَامَ وَالْقُوَّةَ وَالسُّلْطَانَ وَالْمَالَ وَيَصِفُونَ أَتْبَاعَ الْمُرْسَلِينَ بِأَنَّهُمْ سُفَهَاءُ وَأَرَاذِلُ وَضُلَّالٌ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
[ ص: 11 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=4256&ayano=40فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5960&ayano=83إنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ } إلَى قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5964&ayano=83وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } وَقَالَ تَعَالَى عَنْ
قَوْمِ نُوحٍ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3069&ayano=26أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } وَقَالُوا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1511&ayano=11وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=221&ayano=2زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1522&ayano=11وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ } بَلْ هُمْ يَصِفُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِالْجُنُونِ وَالسَّفَهِ وَالضَّلَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا عَنْ
نُوحٍ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4909&ayano=54مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ } وَقَالُوا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1021&ayano=7إنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
وَلِهُودِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1027&ayano=7إنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ } .