ثم عطف على قوله: غرورا علة ثانية للإيحاء بقوله تعالى:
[ ص: 2473 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[113] ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون
ولتصغى إليه أي: يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول، ليغرهم به، ولتميل إليه: أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة لمساعدته لهم على أهوائهم وليرضوه أي: لأنفسهم بعد ما مالت إليه قلوبهم وليقترفوا أي: وليكتسبوا بموجب ارتضائهم له ما هم مقترفون أي: من الآثام.
قال القاشاني: فتقوى غوايتهم، ويتظاهرون، ويخرج ما فيهم من الشرور إلى الفعل، ويزدادوا طغيانا وتعديا على النبي، فتزداد قوة كماله، وتهيج أيضا بسببه دواعي المؤمنين، والذين في استعدادهم مناسبة للنبي، فتنبعث حميتهم، وتزداد محبتهم للنبي، ونصرهم إياه، فتظهر عليهم كمالاتهم.
لطيفة:
إنما خص بالذكر عدم إيمانهم بالآخرة، دون ما عداها من الأمور التي يجب الإيمان بها، وهم بها كافرون، إشعارا بما هو المدار في صغو أفئدتهم إلى ما يلقى إليهم؛ فإن لذات الآخرة محفوفة في هذه النشأة بالمكاره، وآلامها مزينة بالشهوات، فالذين لا يؤمنون بها، وبأحوال ما فيها، لا يدرون أن وراء تلك المكاره لذات، ودون هذه الشهوات آلاما، وإنما ينظرون إلى ما بدا لهم في الدنيا بادئ الرأي، فهم مضطرون إلى حب الشهوات، التي من جملتها مزخرفات الأقاويل، ومموهات الأباطيل. وأما المؤمنون بها، فحيث كانوا واقفين على حقيقة الحال، ناظرين إلى عواقب الأمور، لم يتصور منهم الميل إلى تلك المزخرفات، لعلمهم ببطلانها، ووخامة عاقبتها . أفاده أبو السعود.