[ ص: 5891 ] بسم الله الرحمن الرحيم
68- سورة القلم
وتسمى سورة القلم. وهي مكية. وآيها اثنتان وخمسون.
[ ص: 5892 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[1 - 4] ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم
ن بالسكون على الوقف: اسم للحرف المعروف، قصد به التحدي. أو اسم للسورة، منصوب ب: اذكر، أو مرفوع خبرا لمحذوف والقلم أي: الذي يخط به وما يسطرون أي: يكتبون. و " ما " مصدرية أو موصولة.
وقوله: ما أنت بنعمة ربك بمجنون جواب القسم، قصد به تكذيب المشركين في إفكهم المحدث عنه بآية: وقالوا يا أيها الذي نـزل عليه الذكر إنك لمجنون
قال : " أنت " هو اسم " ما " ، و " بمجنون " الخبر. وقوله: الزجاج
" بنعمة ربك " كلام وقع في البين. والمعنى: انتفى عنك الجنون بنعمة ربك، كما يقال: أنت بحمد الله عاقل، وأنت بحمد الله فهم. ومعناه: أن تلك الصفة المحمودة إنما حصلت، والصفة المذمومة إنما زالت بواسطة إنعام الله ولطفه وإكرامه; فالباء في " بنعمة " متعلقة بمعنى النفي المدلول عليه ب: " ما " والباء في " بمجنون " زائدة.
وإن لك لأجرا أي: ثوابا على أذى المشركين واحتمال هذا الطعن والصبر عليه غير ممنون أي: غير منقوص ولا مقطوع.
[ ص: 5893 ] قال : من قولهم: (حبل منين)، إذا كان ضعيفا، وقد ضعفت منته، أي: قوته. أو غير ممنون به علي، زيادة في العناية به صلى الله عليه وسلم، والتنويه بمقامه. ابن جرير
وإنك لعلى خلق عظيم قال : أي: أدب عظيم، وذلك أدب القرآن الذي أدبه الله به، وهو الإسلام وشرائعه. قالت ابن جرير : عائشة ، أي: كما هو في القرآن. «كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن»
قال الرازي: وهذا كالتفسير لقوله: بنعمة ربك والدلالة القاطعة على براءته مما رمي به؛ لأن الأخلاق الحميدة والأفعال المرضية، والفصاحة التامة، والعقل الكامل، والبراءة من كل عيب، والاتصاف بكل مكرمة، كانت ظاهرة منه. وإذا كانت ظاهرة محسوسة فوجودها ينافي حصول الجنون; فكذب من أضافه إليه وضل، بل هو الأحرى بأن يرمى بما قذف به.