[ ص: 5157 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[ 7 - 10] الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون .
الذين يحملون العرش أي: من الملائكة. وقد سبق في تفسير آية: ثم استوى على العرش في الأعراف، كلام في حملة العرش، فراجعه.
ومن حوله يعني الملائكة المقربين: يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به أي: ويقرون بأنه لا إله لهم سواه، ويشهدون بذلك لا يستكبرون عن عبادته. وفائدة التصريح بإيمانهم مع جلائه، وهو ، والإشعار بعلة دعائهم للمؤمنين; حسبما ينطق به قوله تعالى: إظهار فضيلة الإيمان، وإبراز شرف أهله ويستغفرون للذين آمنوا فإن المشاركة في الإيمان أقوى المناسبات وأتمها، وأدعى الدواعي إلى النصح والشفقة.
وفي نظم استغفارهم لهم في سلك وظائفهم المفروضة عليهم، من تسبيحهم، وتحميدهم، وإيمانهم، إيذان بكمال اعتنائهم به، وإشعار بوقوعه عند الله تعالى [ ص: 5158 ] في موقع القبول: ربنا أي: يقولون: ربنا: وسعت كل شيء رحمة وعلما أي: شملت رحمتك، وأحاط بالكل علمك: فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك أي: صراطك المستقيم بمتابعة نبيك في الأقوال، والأعمال، والأحوال: وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم أي: عمل صالحا منهم، ليتم سرورهم بهم: إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات أي: عقوبتها وجزاءها: ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم أي: لبغضه الشديد لكم، أعظم من بغض بعضكم لبعض، وتبرؤ كل من الآخر، ولعنه حين تعذبون، كما قال تعالى: يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا أو أعظم من مقتكم أنفسكم وذواتكم، فقد يمقتون أنفسهم حين تظهر لهم هيئاتها المظلمة، وصفاتها المؤلمة، وسواد الوجه الموحش، وقبح المنظر المنفر: إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أي: تدعون على ألسنة الرسل عليهم السلام، إلى الإيمان به سبحانه، فتكفرون كبرا وعتوا.