القول في تأويل قوله تعالى :
[3-6] خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون .
خلق السماوات والأرض بالحق أي : بالحكمة ، كما تقدم : تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة أي : مهينة ضعيفة : فإذا هو بعد تكامله بشرا : خصيم مبين أي : مخاصم لخالقه مجادل ، يجحد وحدانيته ويحارب رسله . وهو إنما خلق ليكون عبدا لا ضدا.
والأنعام خلقها لكم أي : لمصالحكم ، وهي الأزواج الثمانية المفصلة في سورة الأنعام .
قال : وأكثر ما تقع على الإبل . الزمخشري
فيها دفء أي: ما يدفئ ، أي : يسخن به من صوف أو وبر أو شعر ، فيقي البرد ومنافع أي : من نسلها ودرها وركوب ظهرها : ومنها تأكلون ولكم فيها جمال أي : زينة : حين تريحون أي : تردونها من مراعيها إلى مراحها ( بضم الميم ) وهو مقرها في دور أهلها بالعشي : وحين تسرحون أي : تخرجونها بالغداة إلى المراعي .
قال : من الله بالتجمل بها كما من بالانتفاع بها ; لأنه من أغراض أصحاب المواشي ، بل هو من معاظمها ; لأن الرعيان ، إذا روحوها بالعشي ، وسرحوها بالغداة ، فزينت بإراحتها وتسريحها الأفنية، وتجاوب فيها الثغاء والرغاء ; أنست أهلها وفرحت أربابها ، وأجلتهم في عيون الناظرين إليها ، وكسبتهم الجاه والحرمة عند الناس . ونحوه : الزمخشري لتركبوها وزينة يواري سوآتكم وريشا
[ ص: 3780 ] فإن قلت : لم قدمت الإراحة على التسريح ؟ قلت : لأن الجمال في الإراحة أظهر ، إذا أقبلت ، ملأى البطون ، حافلة الضروع ، ثم أوت إلى الحظائر لأهلها . انتهى .
ثم أشار إلى فائدة جامعة للحاجة والزينة فقال :