القول في تأويل قوله تعالى :
[2] ينـزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون .
ينـزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون [ ص: 3778 ] رد لاستبعادهم النبوة ، بأن ذلك سنة له تعالى . ولذا ذكر صيغة الاستقبال ، كقوله تعالى : يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده وقوله تعالى : الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس والروح هو الوحي ، الذي من جملته القرآن ; لقوله تعالى : وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا والتعبير عنه بالروح على نهج الاستعارة . فإنه يحيي القلوب الميتة بالجهل . و : من أمره بيان للروح ، أو حال منه ، أو صفة ، أو متعلق بـ (ينزل) و ( من) للسببية . و : أن أنذروا بدل من الروح . أي : أخبروهم بالتوحيد والتقوى . فقوله : فاتقون من جملة المنذر به . أو هو خطاب للمستعجلين ، على طريقة الالتفات ، والفاء فصيحة ، أي : إذا كانت سنته تعالى ذلك ، فاتقون ، بما ينافيه من الإشراك وفروعه من الاستعجال .
قال : ثم دل على الزمخشري ، بما ذكر ، مما لا يقدر عليه غيره ، من خلق السماوات والأرض ، وخلق الإنسان وما يصلحه ، وما لا بد له منه من خلق البهائم لأكله وركوبه ، وجر أثقاله وسائر حاجاته ، وخلق ما لا يعلمون من أصناف خلائقه . ومثله متعال عن أن يشرك به غيره ، بقوله سبحانه : وحدانيته وأنه لا إله إلا هو
[ ص: 3779 ]