القول في تأويل قوله تعالى :
[ 49 ] ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين .
ومنهم من يقول ائذن لي أي : في القعود ولا تفتني أي : لا توقعني في الفتنة .
روي عن مجاهد أنها نزلت في وابن عباس الجد بن قيس ، أخي بني سلمة ، وذلك فيما رواه ، محمد بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذات يوم وهو في جهازه : « هل لك يا جد في جلاد بني الأصفر ؟ » فقال : يا رسول الله ! أوتأذن لي ولا تفتني ؟ فوالله ! لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء مني ، وإني أخشى ، إن رأيت نساء بني الأصفر ، ألا أصبر عنهن ، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : « أذنت لك ! » .
قال الشهاب يعني أنه يخشى العشق لهن ، أو مواقعتهن من غير حل .
وبنات الأصفر : للروم ، كبني الأصفر . وقيل في وجه التسمية وجوه : منها أنهم ملكهم بعض الحبشة ، فتولد بينهم نساء وأولاد ذهبية الألوان . انتهى .
قال : كان ابن كثير الجد بن قيس هذا من أشرف بني سلمة .
وفي الصحيح بني سلمة ؟ » قالوا : الجد بن قيس ؟ [ ص: 3172 ] على أنا نبخله .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وأي داء أدوأ من البخل ؟ ولكن سيدكم الفتى الجعد الأبيض ، » بشر بن البراء بن معرور . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : « من سيدكم يا
وقوله تعالى : ألا في الفتنة سقطوا قال أبو السعود : أي : في عينها ونفسها ، وأكمل أفرادها الغني عن الوصف بالكمال ، الحقيق باختصاص اسم الجنس به ، سقطوا لا في شيء مغاير لها ، فضلا عن أن يكون مهربا ومخلصا عنها . وذلك بم فعلوا من العزيمة على التخلف والجرأة على الاستئذان بهذه الطريقة الشنيعة ، ومن القعود بالإذن المبني عليه ، وعلى الاعتذارات الكاذبة ، وقرئ بإفراد الفعل ، محافظة على لفظ ( من ) . وفي تصدير الجملة بحرف التنبيه ، مع تقديم الظرف ، إيذان بأنهم وقعوا فيها ، وهم يحسبون أنها منجى من الفتنة ، زعما منهم أن الفتنة إنما هي التخلف بغير إذن . وفي التعبير عن ( الافتتان ) بالسقوط في الفتنة ، تنزيل لها منزلة المهواة المهلكة ، المفصحة عن ترديهم في درجات الردى أسفل سافلين . انتهى .
وإن جهنم لمحيطة بالكافرين أي : ستحيط بهم يوم القيامة ، فلا محيد لهم عنها ولا مهرب ، وهذا وعيد لهم على ما فعلوا .
ثم بين عداوتهم ، زيادة في تشهير مساوئهم ، بقوله سبحانه :