قوله تعالى: (فإن حاجوك) أي: جادلوك ، وخاصموك . قال يعني اليهود ، وقال مقاتل: يعني نصارى ابن جرير: نجران في أمر عيسى ، وقال غيرهما: اليهود والنصارى . (فقل أسلمت وجهي لله) قال معناه: أخلصت عملي ، وقال الفراء: قصدت بعبادتي إلى الله . الزجاج:
قوله تعالى: (ومن اتبعن) أثبت الياء في الوصل دون الوقف أهل المدينة والبصرة ، وابن شنبوذ عن ووقف قنبل ، ابن شنبوذ ويعقوب بياء . قال والأحب إلى اتباع المصحف . وما حذف من الياءات في مثل قوله تعالى: (ومن اتبعن) و(لئن أخرتن) و(ربي أكرمن) و(ربي أهانن) . فهو على ضربين . أحدهما: ما كان مع النون ، فإن [ ص: 364 ] كان رأس آية ، فأهل اللغة يجيزون حذف الياء ، ويسمون أواخر الآي الفواصل ، كما أجازوا ذلك في الشعر ، الزجاج:
قال الأعشى:
ومن شانئ كاسف باله إذا ما انتسبت له أنكرن
وهل يمنعني ارتيادي البلا
د من حذر الموت أن يأتين
فأما إذا لم يكن آخر آية أو قافية ، فالأكثر إثبات الياء ، وحذفها جيد أيضا ، خاصة مع النونات ، لأن أصل "اتبعني" "اتبعي" ولكن "النون" زيدت لتسلم فتحة العين ، فالكسرة مع النون تنوب عن الياء ، فأما إذا لم تكن النون ، نحو غلامي وصاحبي ، فالأجود إثباتها ، وحذفها عند عدم النون جائز على قلته ، تقول: هذا غلام ، قد جاء غلامي ، وغلامي بفتح الياء وإسكانها ، فجاز الحذف ، لأن الكسرة تدل عليها .
قوله تعالى: وقل للذين أوتوا الكتاب يريد اليهود والنصارى (والأميين) بمعنى مشركي العرب ، وقد سبق في البقرة شرح هذا الاسم .
قوله تعالى: (أأسلمتم) قال هو استفهام ومعناه الأمر ، كقوله تعالى: الفراء: فهل أنتم منتهون [ المائدة: 91 ] .
[ ص: 365 ] فصل
اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية ، فذهبت طائفة إلى أنها محكمة ، وأن المراد بها تسكين نفس النبي صلى الله عليه وسلم عند امتناع من لم يجبه ، لأنه كان يحرص على إيمانهم ، ويتألم من تركهم الإجابة . وذهبت طائفة إلى أن المراد بها الاقتصار على التبليغ ، وهذا منسوخ بآية السيف .