الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
قوله تعالى: الذين يأكلون الربا أصله في اللغة: الزيادة ، ومنه الربوة والرابية ، وأربى فلان على فلان: زاد . وهذا الوعيد يشمل الآكل ، والعامل به ، وإنما خص الآكل بالذكر ، لأنه معظم المقصود . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه الربا: "لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه" .
قوله تعالى: (لا يقومون) قال أي: يوم البعث من القبور . والمس: الجنون ، يقال: رجل ممسوس . فالناس إذا خرجوا من قبورهم أسرعوا كما قال تعالى: ابن قتيبة يوم يخرجون من الأجداث سراعا [ المعارج: 43 ] . إلا أكلة الربا ، فإنهم يقومون ويسقطون ، لأن الله أربى الربا في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم ، فلا يقدرون على الإسراع . وقال : تلك علامة آكل الربا إذا استحله يوم القيامة . سعيد بن جبير
[ ص: 331 ] قوله تعالى: (ذلك) أي: هذا الذي ذكر من عقابهم (بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا) وقيل: إن ثقيفا كانوا أكثر العرب ربا ، فلما نهوا عنه; قالوا: إنما هو مثل البيع .
قوله تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه قال كل تأنيث ليس بحقيقي ، فتذكيره جائز ، ألا ترى أن الوعظ والموعظة معبران عن معنى واحد . الزجاج:
قوله تعالى: (فله ما سلف) أي: ما أكل من الربا .
وفي قوله تعالى: (وأمره إلى الله) قولان . أحدهما: أن "الهاء" ترجع إلى المربي ، فتقديره: إن شاء عصمه منه ، وإن شاء لم يفعل ، قاله ، سعيد بن جبير والثاني: أنها ترجع إلى الربا ، فمعناه: يعفو الله عما شاء منه ، ويعاقب على ما شاء منه ، قاله ومقاتل . أبو سليمان الدمشقي .
قوله تعالى: (ومن عاد) قاله من عاد إلى الربا مستحلا محتجا بقوله تعالى: ابن جبير: إنما البيع مثل الربا .