قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم في سبب نزولها قولان . أحدهما: أن الأنصار كانوا إذا جذوا النخل ، جاء كل رجل بشيء من ذلك فعلقه في المسجد ، فيأكل منه فقراء المهاجرين ، وكان أناس ممن لا يرغب في الخير يجيء أحدهم بالقنو فيه الحشف والشيص ، [ ص: 322 ] فيعلقه ، فنزلت هذه الآية . هذا قول والثاني: البراء بن عازب . أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أمر بزكاة الفطر ، فجاء رجل بتمر رديء ، فنزلت هذه الآية . هذا قول وفي المراد بهذه النفقة قولان . أحدهما: أنها الصدقة المفروضة ، قاله جابر بن عبد الله . في آخرين . والثاني: أنها التطوع . وفي المراد بالطيب هاهنا قولان . أحدهما: أنه الجيد الأنفس ، قاله عبيدة السلماني والثاني: أنه الحلال ، قاله ابن عباس . أبو معقل في آخرين .
قوله تعالى: (ولا تيمموا) أي: لا تقصدوا . القصد . قال والتيمم في اللغة: ميمون بن قيس الأعشى
تيممت قيسا وكم دونه من الأرض من مهمه ذي شزن
وفي الخبيث قولان . أحدهما: أنه الرديء ، قاله الأكثرون ، وسبب الآية يدل عليه . والثاني: أنه الحرام ، قاله ابن زيد .
قوله تعالى: ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه قال لو كان بعضكم يطلب من بعض حقا له ، ثم قضاه ذلك ، ولم يأخذه إلى أن يرى أنه قد أغمض عن بعض [ ص: 323 ] حقه . وقال ابن عباس: أصل هذا أن يصرف المرء بصره عن الشيء ، ويغمضه ، فسمي الترخص إغماضا . ومنه قول الناس للبائع: أغمض ، أي: لا تشخص ، وكن كأنك لا تبصر . وقال غيره: لما كان الرجل إذا رأى ما يكره ، أغمض عينيه ، لئلا يرى جميع ما يكره; جعل التجاوز والمساهلة في كل شيء إغماضا . ابن قتيبة:
قوله تعالى: واعلموا أن الله غني قال لم يأمركم بالتصدق عن عوز ، لكنه بلا أخباركم ، فهو حميد على ذلك . يقال: قد غني زيد ، يغنى غنى مقصور: إذا استغنى ، وقد غني القوم: إذا نزلوا في مكان يغنيهم ، والمكان الذي ينزلون فيه مغنى . والغواني: النساء ، قيل: إنما سمين بذلك ، لأنهن غنين بجمالهن ، وقيل: بأزواجهن فأما "الحميد" فقال الزجاج: هو بمعنى المحمود ، فعيل بمعنى مفعول . الخطابي: