nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم [ ص: 143 ] فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231فبلغن أجلهن معنى " بلغن " قاربن ، بإجماع من العلماء ، ولأن المعنى يضطر إلى ذلك ؛ لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإمساك ، وهو في الآية التي بعدها بمعنى التناهي ؛ لأن المعنى يقتضي ذلك ، فهو حقيقة في الثانية مجاز في الأولى .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231فأمسكوهن بمعروف الإمساك بالمعروف هو القيام بما يجب لها من حق على زوجها ، ولذلك قال جماعة من العلماء : إن من الإمساك بالمعروف أن
nindex.php?page=treesubj&link=25545_13235_13321الزوج إذا لم يجد ما ينفق على الزوجة أن يطلقها ، فإن لم يفعل خرج عن حد المعروف ، فيطلق عليه الحاكم من أجل الضرر اللاحق لها من بقائها عند من لا يقدر على نفقتها ، والجوع لا صبر عليه ، وبهذا قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وأبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي ، وقاله من الصحابة
عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ، ومن التابعين
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وقال : إن ذلك سنة . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقالت طائفة : لا يفرق بينهما ، ويلزمها الصبر عليه ، وتتعلق النفقة بذمته بحكم الحاكم ، وهذا قول
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، وإليه ذهب
الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، واحتجوا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى منكم الآية ، فندب تعالى إلى إنكاح الفقير ، فلا يجوز أن يكون الفقر سببا للفرقة ، وهو مندوب معه إلى النكاح . وأيضا فإن النكاح بين الزوجين قد انعقد بإجماع فلا يفرق بينهما إلا بإجماع مثله ، أو بسنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا معارض لها . والحجة للأول قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831582تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني فهذا نص في موضع الخلاف .
nindex.php?page=treesubj&link=13321والفرقة بالإعسار عندنا طلقة رجعية خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في قوله : إنها طلقة بائنة ؛ لأن هذه فرقة بعد البناء لم يستكمل بها عدد الطلاق ولا كانت لعوض ولا لضرر بالزوج فكانت رجعية ، أصله طلاق المولي .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231أو سرحوهن بمعروف يعني فطلقوهن ، وقد تقدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا روى
مالك عن
ثور بن زيد الديلي : أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها ، كيما يطول بذلك العدة عليها وليضارها ، فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه يعظهم الله به . وقال الزجاج :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231فقد ظلم نفسه يعني عرض نفسه للعذاب ؛ لأن إتيان ما نهى الله عنه تعرض
[ ص: 144 ] لعذاب الله . وهذا الخبر موافق للخبر الذي نزل بترك ما كان عليه أهل الجاهلية من الطلاق والارتجاع حسب ما تقدم بيانه عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطلاق مرتان . فأفادنا هذان الخبران أن نزول الآيتين المذكورتين كان في معنى واحد متقارب وذلك حبس الرجل المرأة ومراجعته لها قاصدا إلى الإضرار بها ، وهذا ظاهر .
الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231ولا تتخذوا آيات الله هزوا معناه لا تتخذوا أحكام الله تعالى في طريق الهزو بالهزو فإنها جد كلها ، فمن هزل فيها لزمته . قال
أبو الدرداء :
كان الرجل يطلق في الجاهلية ويقول : إنما طلقت وأنا لاعب ، وكان يعتق وينكح ويقول : كنت لاعبا ، فنزلت هذه الآية ، فقال عليه السلام : من طلق أو حرر أو نكح أو أنكح فزعم أنه لاعب فهو جد . رواه
معمر قال : حدثنا
عيسى بن يونس عن
عمرو عن
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء فذكره بمعناه . وفي موطإ
مالك أنه بلغه أن رجلا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : إني طلقت امرأتي مائة مرة فماذا ترى علي ؟ فقال
ابن عباس : ( طلقت منك بثلاث ، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا ) . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث
إسماعيل بن أمية القرشي عن
علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837721سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا طلق البتة فغضب وقال : تتخذون آيات الله هزوا - أو دين الله هزوا ولعبا من طلق البتة ألزمناه ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره .
إسماعيل بن أمية هذا كوفي ضعيف الحديث . وروي عن
عائشة : ( أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يقول : والله لا أورثك ولا أدعك . قالت : وكيف ذاك ؟ قال : إذا كدت تقضين عدتك راجعتك ) ، فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231ولا تتخذوا آيات الله هزوا . قال علماؤنا : والأقوال كلها داخلة في معنى الآية ؛ لأنه يقال لمن سخر من آيات الله : اتخذها هزوا . ويقال ذلك لمن كفر بها ، ويقال ذلك لمن طرحها ولم يأخذ بها وعمل بغيرها ، فعلى هذا تدخل هذه الأقوال في الآية . و " آيات الله " : دلائله وأمره ونهيه .
الخامسة : ولا خلاف بين العلماء أن من
nindex.php?page=treesubj&link=11768طلق هازلا أن الطلاق يلزمه ، واختلفوا في غيره
[ ص: 145 ] على ما يأتي بيانه في " براءة " إن شاء الله تعالى . وخرج
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830913ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة . وروي عن
علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء كلهم قالوا : ( ثلاث لا لعب فيهن واللاعب فيهن جاد : النكاح والطلاق والعتاق ) . وقيل : المعنى لا تتركوا أوامر الله فتكونوا مقصرين لاعبين . ويدخل في هذه الآية الاستغفار من الذنب قولا مع الإصرار فعلا ، وكذا كل ما كان في هذا المعنى فاعلمه .
السادسة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231واذكروا نعمة الله عليكم أي بالإسلام وبيان الأحكام . ( والحكمة ) : هي السنة المبينة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم مراد الله فيما لم ينص عليه في الكتاب .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231يعظكم به أي يخوفكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم تقدم .