إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم .
"إن هذه" يعني: آيات القرآن "تذكرة" أي: تذكير وموعظة "فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا" بالإيمان والطاعة .
قوله تعالى: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى أي: أقل "من ثلثي الليل ونصفه وثلثه" وقرأ وأهل ابن كثير، الكوفة بفتح الفاء والثاء . والباقون: بكسرهما .
قوله تعالى: وطائفة من الذين معك يعني: المؤمنين "والله يقدر الليل والنهار" يعلم مقاديرهما، فيعلم القدر الذي تقومون به من الليل "علم أن لن تحصوه" وفيه قولان .
أحدهما: لن تطيقوا قيام ثلثي الليل، ولا ثلث الليل، ولا نصف الليل، قاله [ ص: 396 ] والثاني: لن تحفظوا مواقيت الليل، قاله مقاتل . الفراء . "فتاب عليكم" أي: عاد عليكم بالمغفرة والتخفيف "فاقرءوا ما تيسر" عليكم "من القرآن" يعني: في الصلاة، من غير أن يوقت وقتا . وقال هو ما يقرأ في صلاة المغرب والعشاء . ثم ذكر أعذارهم فقال تعالى: الحسن: علم أن سيكون منكم مرضى فلا يطيقون قيام الليل "وآخرون يضربون في الأرض" وهم المسافرون للتجارة "يبتغون من فضل الله" أي: من رزقه فلا يطيقون قيام الليل "وآخرون يقاتلون في سبيل الله" وهم المجاهدون فلا يطيقون قيام الليل "فاقرءوا ما تيسر من القرآن" وذكروا أن هذا نسخ عن المسلمين بالصلوات الخمس، فذلك قوله تعالى: وأقيموا الصلاة أي: الصلوات الخمس في أوقاتها "وأقرضوا الله قرضا حسنا" وقد سبق بيانه [الحديد: 18] . قال يريد سوى الزكاة في صلة الرحم، وقرى الضيف ابن عباس: "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله" أي: تجدوا ثوابه في الآخرة . "هو خيرا" قال المعنى: تجدوه خيرا . قال أبو عبيدة: ودخلت "هو" فصلا . وقال المفسرون: ومعنى "خيرا" أي: [ ص: 397 ] أفضل مما أعطيتم الزجاج: "وأعظم أجرا" من الذي تؤخرونه إلى وقت الوصية عند الموت .