وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون [ ص: 59 ] وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم
ثم ذكر عنادهم فقال: وإن يروا كسفا من السماء ساقطا والمعنى: لو سقط بعض السماء عليهم لما انتهوا عن كفرهم، ولقالوا: هذه قطعة من السحاب قد ركم بعضه على بعض .
فذرهم أي: خل عنهم حتى يلاقوا قرأ "يلقوا" بفتح الياء والقاف وسكون اللام من غير ألف أبو جعفر يومهم وفيه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه يوم موتهم . والثاني: يوم القيامة . والثالث: يوم النفخة الأولى .
قوله تعالى: يصعقون قرأ عاصم، "يصعقون" برفع الياء، من أصعقهم غيرهم; والباقون بفتحها، من صعقوهم . وابن عامر:
وفي قوله يصعقون قولان .
أحدهما: يموتون . والثاني: يغشى عليهم، كقوله: وخر موسى صعقا [الأعراف: 143]، وهذا يخرج على قول من قال: هو يوم القيامة، فإنهم يغشى عليهم من الأهوال . وذكر المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولا يصح، لأن معنى الآية الوعيد .
قوله تعالى: يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا هذا اليوم الأول; والمعنى: لا ينفعهم مكرهم ولا يدفع عنهم العذاب ولا هم ينصرون أي: يمنعون من العذاب .
قوله تعالى: وإن للذين ظلموا أي: أشركوا عذابا دون ذلك أي، قبل ذلك اليوم; وفيه أربعة أقوال .
[ ص: 60 ] أحدها: أنه عذاب القبر، قاله البراء، والثاني: عذاب القتل يوم وابن عباس . بدر، وروي عن أيضا، وبه قال ابن عباس والثالث: مصائبهم في الدنيا، قاله مقاتل . الحسن، والرابع: عذاب الجوع، قاله وابن زيد . مجاهد .
قوله تعالى: ولكن أكثرهم لا يعلمون أي: لا يعلمون ما هو نازل بهم .
واصبر لحكم ربك أي: لما يحكم به عليك فإنك بأعيننا قال فإنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك، فلا يصلون إلى مكروهك . وذكر المفسرون: أن معنى الصبر نسخ بآية السيف، ولا يصح، لأنه لا تضاد . الزجاج:
وسبح بحمد ربك حين تقوم فيه ستة أقوال .
أحدها: صل لله حين تقوم من منامك، قاله ابن عباس .
والثاني: قل: "سبحانك اللهم وبحمدك" حين تقوم من مجلسك، قاله عطاء، وسعيد بن جبير، في آخرين . ومجاهد
والثالث: قل: "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" حين تقوم في الصلاة، قاله الضحاك .
والرابع: سبح الله إذا قمت من نومك، قاله حسان بن عطية .
والخامس: صل صلاة الظهر إذا قمت من نوم القائلة، قاله زيد بن أسلم .
والسادس: اذكر الله بلسانك حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل في الصلاة، قاله ابن السائب .
قوله تعالى: ومن الليل فسبحه قال صل المغرب وصل العشاء مقاتل: وإدبار النجوم قرأ زيد عن يعقوب، وهارون عن أبي عمرو، والجعفي [ ص: 61 ] عن أبي بكر: "وأدبار النجوم" بفتح الهمزة; [وقرأ] الباقون بكسرها . وقد شرحناها في (ق: 40); والمعنى: صل له في إدبار النجوم، أي: حين تدبر، أي: تغيب بضوء الصبح . وفي هذه الصلاة قولان .
أحدهما: أنها الركعتان قبل صلاة الفجر، رواه علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول الجمهور .
والثاني: أنها صلاة الغداة، قاله الضحاك، وابن زيد .