ويقال لها: سورة الباسقات
روى [وغيره] عن العوفي أنها مكية، وكذلك قال ابن عباس الحسن، ومجاهد، ، وعكرمة ، والجمهور، وحكي عن وقتادة ابن عباس أن فيها آية مدنية، وهي قوله تعالى: وقتادة ولقد خلقنا السماوات والأرض الآية [ق: 38] .
بسم الله الرحمن الرحيم
ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج
قوله تعالى: "ق" قرأ الجمهور بإسكان الفاء . وقرأ [ ص: 4 ] أبو عبد الرحمن السلمي، ، وأبو المتوكل ، وأبو رجاء "قاف" بنصب الفاء وقرأ وأبو الجوزاء: أبو رزين ، "قاف" برفع الفاء . وقرأ وقتادة: الحسن، وأبو عمران: "قاف" بكسر الفاء . وفي "ق" خمسة أقوال .
أحدها: أنه قسم أقسم الله به، وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
والثاني: أنه جبل من زبرجدة خضراء، قاله عن أبو صالح وروى ابن عباس . عن عكرمة قال: خلق الله جبلا يقال له: "ق" محيط بالعالم، وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض، فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل قرية، أمر ذلك الجبل فحرك العرق الذي يلي تلك القرية . وقال ابن عباس هو جبل محيط بالأرض . وروي عن مجاهد . أنه من زمردة خضراء، وعليه كنفا السماء، وخضرة السماء منه . الضحاك
والثالث: أنه جبل من نار، في النار، قاله في رواية عنه عن الضحاك ابن عباس .
والرابع: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة .
والخامس: أنه حرف من كلمة . ثم فيه خمسة أقوال . أحدها: أنه افتتاح اسمه "قدير" قاله والثاني: أنه افتتاح أسمائه: القدير والقاهر والقريب ونحو ذلك، قاله أبو العالية . والثالث: أنه افتتاح "قضي الأمر"، وأنشدوا: القرظي .
قلنا لها قفي فقالت قاف
معناه: أقف، فاكتفت بالقاف من "أقف" حكاه جماعة منهم الزجاج .
والرابع: [ ص: 5 ] قف عند أمرنا ونهينا، ولا تعدهما، قاله والخامس: قل يا أبو بكر الوراق . محمد، حكاه الثعلبي .
قوله تعالى: والقرآن المجيد قال ابن عباس، المجيد: الكريم . وفي جواب هذا القسم أربعة أقوال . وابن جبير:
أحدها: أنه مضمر، تقديره: ليبعثن بعد الموت . قاله الفراء، ويدل عليه قول الكفار: وابن قتيبة، هذا شيء عجيب .
والثاني: أنه قوله: قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ، فيكون المعنى: [قاف] والقرآن المجيد لقد علمنا، فحذفت اللام لأن ما قبلها عوض منها، كقوله: والشمس وضحاها . . . . قد أفلح [الشمس: 1-9] أي: لقد أفلح، أجاز هذا القول [ ص: 6 ] والثالث: أنه قوله: الزجاج . ما يلفظ من قول حكي عن الأخفش .
والرابع: أنه في سورة أخرى، حكاه ولم يبين في أي سورة . أبو سليمان الدمشقي،
قوله تعالى: بل عجبوا مفسر في [ص: 4] إلى قوله: شيء عجيب أي: معجب .
أإذا متنا قال هذا الكلام على جواب، كأنه قيل لهم: إنكم ترجعون، فقالوا: أئذا متنا وكنا ترابا؟ وقال غيره: تقدير الكلام: ق والقرآن ليبعثن، فقال: أئذا متنا وكنا ترابا; والمعنى: أنبعث إذا كنا كذلك؟! وقال الأخفش: لما تعجبوا من وعيد الله على تكذيبهم ابن جرير: بمحمد صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا شيء عجيب، كان كأنه قال لهم: ستعلمون إذا بعثتم ما يكون حالكم في تكذيبكم محمدا، فقالوا أئذا متنا وكنا ترابا؟!
قوله تعالى: ذلك رجع أي: رد إلى الحياة "بعيد" قال أي: لا يكون . ابن قتيبة:
"قد علمنا ما تنقص الأرض منهم" أي: ما تأكل من لحومهم ودمائهم وأشعارهم إذا ماتوا، يعني أن ذلك لا يعزب عن علمه "وعندنا" مع علمنا بذلك "كتاب حفيظ" أي: حافظ لعددهم وأسمائهم ولما تنقص الأرض منهم، وهو اللوح المحفوظ قد أثبت فيه ما يكون .
بل كذبوا بالحق وهو القرآن . والمريج: المختلط، قال يقال: مرج [أمر] الناس، ومرج الدين، وأصل هذا أن يقلق الشيء، ولا يستقر، يقال: مرج الخاتم في يدي: إذا قلق، للهزال . قال المفسرون: ومعنى اختلاط أمرهم: أنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم مرة: ساحر، ومرة: شاعر، [ ص: 7 ] ومرة: معلم، ويقولون للقرآن مرة: سحر ،ومرة: مفترى، ومرة: رجز، فكان أمرهم ملتبسا مختلطا عليهم . ابن قتيبة: