وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون . إلا الذي فطرني فإنه سيهدين . وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون . بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين . ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون .
قوله تعالى: إنني براء قال : البراء بمعنى البريء، الزجاج والعرب تقول للواحد: أنا البراء منك، وكذلك للاثنين والجماعة، وللذكر والأنثى، يقولون: نحن البراء منك والخلاء منك، لا يقولون: نحن البراءان منك، ولا البراءون منك، وإنما المعنى: أنا ذو البراء منك، ونحن ذوو البراء منك، [ ص: 310 ] كما يقال: رجل عدل، وامرأة عدل . وقد بينا استثناء إبراهيم ربه عز وجل مما يعبدون عند قوله: إلا رب العالمين [الشعراء: 77] .
قوله تعالى: وجعلها يعني كلمة التوحيد، وهي "لا إله إلا الله" كلمة باقية في عقبه أي: فيمن يأتي بعده من ولده، فلا يزال فيهم موحد لعلهم يرجعون إلى التوحيد كلهم إذا سمعوا أن أباهم تبرأ من الأصنام ووحد الله عز وجل .
ثم ذكر نعمته على قريش فقال: بل متعت هؤلاء وآباءهم والمعنى: إني أجزلت لهم النعم ولم أعاجلهم بالعقوبة حتى جاءهم الحق وهو القرآن ورسول مبين وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فكان ينبغي لهم أن يقابلوا النعم بالطاعة للرسول، فخالفوا .
ولما جاءهم يعني قريشا في قول الأكثرين . وقال هم اليهود . والحق القرآن . قتادة: