[ ص: 319 ] ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير . وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير . يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
قوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه قال نزلت في مقاتل: وقد شرحنا ذلك في (العنكبوت: 8) سعد بن أبي وقاص،
قوله تعالى: حملته أمه وهنا على وهن وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري: " وهنا على وهن " بفتح الهاء فيهما . قال أي: ضعفا على ضعف . والمعنى: لزمها بحملها إياه أن تضعف مرة بعد مرة . وموضع " أن " نصب بـ " وصينا " ; المعنى: ووصينا الإنسان أن اشكر لي ولوالديك، أي: وصيناه بشكرنا وشكر والديه . الزجاج:
قوله تعالى: وفصاله في عامين أي: فطامه يقع في انقضاء عامين . وقرأ إبراهيم النخعي، وأبو عمران، " وفصاله " بفتح الفاء . وقرأ والأعمش: أبي بن كعب، والحسن، ، وأبو رجاء وطلحة بن مصرف، وعاصم الجحدري، " وفصله " بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف . والمراد: التنبيه على مشقة الوالدة بالرضاع بعد الحمل . وقتادة;
[ ص: 320 ] قوله تعالى: وإن جاهداك قد فسرنا ذلك في سورة (العنكبوت: 8) إلى قوله: وصاحبهما في الدنيا معروفا قال أي: مصاحبا معروفا، تقول صاحبه مصاحبا ومصاحبة; والمعروف: ما يستحسن من الأفعال . الزجاج:
قوله تعالى: واتبع سبيل من أناب إلي أي: من رجع إلي; وأهل التفسير يقولون: هذه الآية نزلت في وهو المخاطب بها . سعد،
وفي المراد بمن أناب ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه قيل أبو بكر الصديق، اتبع سبيله في الإيمان، هذا معنى قول لسعد: في رواية ابن عباس وقال عطاء . أسلم على يدي ابن إسحاق: أبي بكر [الصديق]: عثمان بن عفان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف .
والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب .
والثالث : من سلك طريق محمد وأصحابه، ذكره الثعلبي .
ثم رجع إلى الخبر عن لقمان فقال: يا بني . وقال وجه اعتراض هذه الآيات بين الخبرين عن وصية ابن جرير: لقمان أن هذا مما أوصى به لقمان ابنه .
قوله تعالى: إنها إن تك مثقال حبة وقرأ وحده: " مثقال حبة " برفع اللام . نافع
[ ص: 321 ] وفي سبب قول لقمان لابنه هذا قولان .
أحدهما: أن ابن لقمان قال لأبيه: أرأيت لو كانت حبة في قعر البحر أكان الله يعلمها؟ فأجابه بهذه الآية، قاله السدي .
والثاني: أنه قال: يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد، كيف يعلمها الله؟ فأجابه بهذا، قاله مقاتل .
قال من قرأ برفع المثقال مع تأنيث " تك " فلأن " الزجاج: مثقال حبة من خردل " راجع إلى معنى: خردلة، فهي بمنزلة: إن تك حبة من خردل; ومن قرأ: " مثقال حبة " فعلى معنى: إن التي سألتني عنها إن تك مثقال حبة، وعلى معنى: إن فعلة الإنسان وإن صغرت يأت بها الله . وقد بينا معنى مثقال حبة من خردل في (الأنبياء: 47) .
قوله تعالى: فتكن في صخرة قال في جبل . وقال قتادة: هي الصخرة التي تحت الأرض السابعة، ليست في السموات ولا في الأرض . السدي:
وفي قوله: يأت بها الله ثلاثة أقوال .
أحدها: يعلمها الله، قاله والثاني: يظهرها، قاله أبو مالك . . والثالث: يأت بها الله في الآخرة للجزاء عليها . ابن قتيبة
[ ص: 322 ] إن الله لطيف قال لطيف باستخراجها الزجاج: خبير بمكانها . وهذا مثل لأعمال العباد، والمراد أن الله تعالى يأتي بأعمالهم يوم القيامة، من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
قوله تعالى: واصبر على ما أصابك أي: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأذى . وباقي الآية مفسر في (آل عمران: 186) .