فأتبعوهم مشرقين . فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين . فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين . وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
قوله تعالى: فأتبعوهم قال : لحقوهم ابن قتيبة مشرقين أي : حين شرقت الشمس ، أي طلعت ، يقال : أشرقنا : دخلنا في الشروق ، كما يقال : أمسينا وأصبحنا . وقرأ ، الحسن : " فاتبعوهم " بالتشديد . وأيوب السختياني
قوله تعالى: فلما تراءى الجمعان وقرأ ، أبو رجاء ، والنخعي : " تراأى " ؟؟ بكسر الراء وفتح الهمزة ، أي : تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه . والأعمش
قوله تعالى: كلا أي : لن يدركونا إن معي ربي سيهدين أي : سيدلني على طريق النجاة .
قوله تعالى: فانفلق فيه إضمار " فضرب فانفلق " ، أي : انشق الماء اثني عشر طريقا فكان كل فرق أي : كل جزء انفرق منه . وقرأ ، أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء وعاصم الجحدري : " كل فلق " باللام ، كالطود وهو الجبل .
[ ص: 127 ] قوله تعالى: وأزلفنا ثم الآخرين أي : قربنا الآخرين من الغرق ، وهم أصحاب فرعون . وقال : " أزلفنا " أي : جمعنا . قال أبو عبيدة : وكلا القولين حسن ، لأن جمعهم تقريب بعضهم من بعض ، وأصل الزلفى في كلام الزجاج العرب : القربى . وقرأ ، ابن مسعود ، وأبي بن كعب ، وأبو رجاء ، والضحاك : " أزلقنا " بقاف ، وكذلك قرأوا : وابن يعمر وأزلفت الجنة [الشعراء : 90] بقاف [أيضا] .
قوله تعالى: إن في ذلك لآية يعني : في إهلاك فرعون وقومه عبرة لمن بعدهم وما كان أكثرهم مؤمنين أي : لم يكن أكثر أهل مصر مؤمنين ، إنما آمنت آسية ، وخربيل مؤمن آل فرعون ، وفنة الماشطة ، ومريم- امرأة دلت موسى على عظام يوسف- ، هذا قول . وما أخللنا به من تفسير كلمات في قصة مقاتل موسى ، فقد سبق بيانها ، وكذلك ما يفقد ذكره في مكان ، فهو إما أن يكون قد سبق ، وإما أن يكون ظاهرا ، فتنبه لهذا .