وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا
قوله تعالى: وقالوا يعني المشركين مال هذا الرسول يأكل الطعام أنكروا أن يكون الرسول بشرا يأكل الطعام ويمشي في الطرق كما يمشي سائر الناس يطلب المعيشة ; والمعنى : أنه ليس بملك ولا ملك ، لأن الملائكة لا تأكل ، والملوك لا تتبذل في الأسواق ، فعجبوا أن يكون مساويا للبشر لا يتميز عليهم [ ص: 74 ] بشيء ; وإنما جعله الله بشرا ليكون مجانسا للذين أرسل إليهم ، ولم يجعله ملكا يمتنع من المشي في الأسواق ، لأن ذلك من فعل الجبابرة ، ولأنه أمر بدعائهم ، فاحتاج أن يمشي بينهم .
قوله تعالى: لولا أنزل إليه ملك وذلك أنهم قالوا له : سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك ويجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا ، فذلك قوله : أو يلقى إليه كنز أي : ينزل إليه كنز من السماء أو تكون له جنة يأكل منها أي : بستان يأكل من ثماره . قرأ ، ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم : " يأكل منها " بالياء ، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم . وقرأ وابن عامر ، حمزة : " نأكل " بالنون ، قال والكسائي أبو علي : المعنى : يكون له علينا مزية في الفضل بأكلنا من جنته . وباقي الآية مفسر في (بني إسرائيل : 47) .
قوله تعالى: انظر يا محمد كيف ضربوا لك الأمثال حين مثلوك بالمسحور ، وبالكاهن والمجنون والشاعر فضلوا بهذا عن الهدى فلا يستطيعون سبيلا فيه قولان .
أحدهما : لا يستطيعون مخرجا من الأمثال التي ضربوها ، قاله ، والمعنى أنهم كذبوا ولم يجدوا على قولهم حجة وبرهانا . وقال مجاهد : لا يستطيعون في أمرك حيلة . الفراء
والثاني : سبيلا إلى الطاعة ، قاله . السدي