وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا .
قوله تعالى: " وكذلك أعثرنا عليهم " ; أي: وكما أنمناهم وبعثناهم، أطلعنا وأظهرنا عليهم . قال وأصل هذا أن من عثر بشيء وهو غافل، نظر إليه حتى يعرفه، فاستعير العثار مكان التبين والظهور، ومنه قول الناس: ما عثرت على فلان بسوء قط ; أي: ما ظهرت على ذلك منه . ابن قتيبة:
قوله تعالى: " ليعلموا " في المشار إليهم بهذا العلم قولان: [ ص: 123 ]
أحدهما: أنهم أهل بلدهم حين اختصموا في البعث، فبعث الله أهل الكهف ليعلموا " أن وعد الله " بالبعث والجزاء " حق " وأن القيامة لا شك فيها، هذا قول الأكثرين .
والثاني: أنهم أهل الكهف، بعثناهم ليروا بعد علمهم أن وعد الله حق، ذكره الماوردي .
قوله تعالى: " إذ يتنازعون " يعني: أهل ذلك الزمان . قال المعنى: إذ كانوا يتنازعون، ويجوز أن يكون المعنى: إذ تنازعوا . ابن الأنباري:
وفي ما تنازعوا فيه خمسة أقوال:
أحدها: أنهم تنازعوا في البنيان والمسجد، فقال المسلمون: نبني عليهم مسجدا ; لأنهم على ديننا، وقال المشركون: نبني عليهم بنيانا ; لأنهم من أهل سنتنا، قاله والثاني: أنهم تنازعوا في البعث، فقال المسلمون: تبعث الأجساد والأرواح، وقال بعضهم: تبعث الأرواح دون الأجساد، فأراهم الله تعالى بعث الأرواح والأجساد ببعثه أهل الكهف، قاله ابن عباس . والثالث: أنهم تنازعوا ما يصنعون بالفتية، قاله عكرمة . والرابع: أنهم تنازعوا في قدر مكثهم . والخامس: تنازعوا في عددهم، ذكرهما مقاتل . الثعلبي .
قوله تعالى: " ابنوا عليهم بنيانا " ; أي: استروهم من الناس بأن تجعلوهم وراء ذلك البنيان . وفي القائلين لهذا قولان:
أحدهما: أنهم مشركو ذلك الزمان، وقد ذكرناه عن ابن عباس .
والثاني: أنهم الذين أسلموا حين رأوا أهل الكهف، قاله ابن السائب .
قوله تعالى: " قال الذين غلبوا على أمرهم " قال يعني: المطاعين [ ص: 124 ] والرؤساء، قال المفسرون: وهم الملك وأصحابه المؤمنون، اتخذوا عليهم مسجدا . قال ابن قتيبة: بنى عليهم الملك بيعة . سعيد بن جبير: