وقرأ أبو صالح الشامي "بديع" نصبا، ونصبه على المدح وهي تؤيد قراءة الجر. وقراءة الرفع المتقدمة يحتمل أن يكون أصلها الإتباع بالجر على البدل ثم قطع التابع رفعا. وبديع يجوز أن يكون بمعنى مبدع، وقد سبق معناه، أو يكون صفة مشبهة أضيفت لمرفوعها كقولك: فلان بديع الشعر أي: بديع شعره، وعلى هذين القولين فإضافته لفظية لأنه في الأول من باب إضافة اسم الفاعل لمنصوبه، وفي الثاني من باب إضافة الصفة المشبهة لمرفوعها، ويجوز أن يكون بمعنى عديم النظير والمثل فيهما، كأنه قيل: البديع في السماوات [ ص: 89 ] والأرض، فالإضافة على هذا إضافة محضة.
قوله: أنى يكون له ولد أنى بمعنى كيف أو من أين، وفيها وجهان أحدهما: أنها خبر كان الناقصة و "له" في محل نصب على الحال، و "ولد" اسمها، ويجوز أن تكون منصوبة على التشبيه بالحال أو الظرف كقوله "كيف تكفرون بالله" والعامل فيها قال "يكون" ، وهذا على رأي من يجيز في "كان" أن تعمل في الأحوال والظروف وشبههما، و "له" خبر يكون و "ولد" اسمها. ويجوز في "يكون" أن تكون تامة، وهذا أحسن، أي: كيف يوجد له ولد وأسباب الولدية منتفية؟ أبو البقاء:
قوله: ولم تكن له صاحبة هذه الواو للحال، والجملة بعدها في محل نصب على الحال من مضمون الجملة المتقدمة أي: كيف يوجد له ولد والحال أنه لم يكن له زوج، وقد علم أن الولد إنما يكون من بين ذكر وأنثى وهو منزه عن ذلك.
والجمهور على "تكن" بالتاء من فوق. وقرأ بالياء من تحت وفيه أربعة أوجه، أحدها: أن الفعل مسند إلى "صاحبة" أيضا كالقراءة المشهورة، وإنما جاز التذكير للفصل كقوله: النخعي
2024 - لقد ولد الأخيطل أم سوء . . . . . . . . . . . . .
[ ص: 90 ] وقوله: 2025 - إن امرأ غره في الدنيا واحدة بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
وقال "وتذكير كان وأخواتها مع تأنيث اسمها أسهل من ذلك في سائر الأفعال" . قال الشيخ: "ولا أعرف هذا عن النحويين ولم يفرقوا بين كان وغيرها" . قلت: هذا كلام صحيح، ويؤيده أن ابن عطية: وإن كان يقول بحرفية بعضها كـ ليس فإنه لا يجيز حذف التاء منها، لو قلت: "ليس هند قائمة" لم يجز. الثاني: أن في "يكون" ضميرا يعود على الله تعالى، و "له" خبر مقدم، و "صاحبة" مبتدأ مؤخر، والجملة خبر "يكون" . الثالث: أن يكون "له" وحده هو الخبر، و "صاحبة" فاعل به لاعتماده وهذا أولى مما قبله; لأن الجار أقرب إلى المفرد، والأصل في الأخبار الإفراد. الرابع: أن في "يكون" ضمير الأمر والشأن و "له" خبر مقدم، و "صاحبة" مبتدأ مؤخر، والجملة خبر "يكون" مفسرة لضمير الشأن، ولا يجوز في هذا أن يكون "له" هو الخبر وحده و "صاحبة" فاعل به كما جاز في الوجه قبله. والفرق أن ضمير الشأن لا يفسر إلا بجملة صريحة، وقد تقدم أن هذا النوع من قبيل المفردات. و "تكن" يجوز أن تكون الناقصة أو التامة حسبما تقدم فيما قبلها. الفارسي
وقوله: وخلق كل شيء هذه جملة إخبارية مستأنفة، ويجوز أن تكون حالا، وهي حال لازمة.