وجوز في "مستقر" بكسر القاف أن يكون مكانا وبه بدأ قال: "فيكون مكانا يستقر لكم" انتهى، يعني: والتقدير: ولكم مكان يستقر. وهذا ليس بظاهر البتة، إذ المكان لا يوصف بكونه مستقرا بكسر القاف بل بكونه مستقرا فيه. وأما مستودع بفتحها فيجوز أن يكون اسم مفعول، وأن يكون مكانا، وأن يكون مصدرا، فيقدر الأول: فمنكم مستقر في الأصلاب ومستودع في الأرحام، أو مستقر في الأرض ظاهرا ومستودع فيها باطنا، ويقدر للثاني: فمنكم مستقر ولكم مكان تستودعون فيه، ويقدر للثالث: فمنكم مستقر ولكم استيداع. أبو البقاء
وأما من فتح القاف فيجوز فيه وجهان فقط: أن يكون مكانا، وأن يكون مصدرا أي: فلكم مكان تستقرون فيه وهو الصلب أو الرحم أو الأرض، أو لكم استقرار فيما تقدم، وينقص أن يكون اسم مفعول لأن فعله قاصر لا يبنى منه اسم مفعول بخلاف مستودع حيث جاز فيه الأوجه الثلاثة.
وتوجيه قراءة في رواية أبي عمرو الأعور عنه في "مستودع" بالكسر على أن يجعل الإنسان كأنه مستودع رزقه وأجله، حتى إذا نفدا كأنه ردهما [ ص: 67 ] وهو مجاز حسن، ويقوي ما قلته قول الشاعر:
2014 - وما المال والأهلون إلا وديعة ولا بد يوما أن ترد الودائع
والإنشاء: الإحداث والتربية، ومنه: إنشاء السحاب، وقال تعالى: أومن ينشأ في الحلية فهذا يراد به التربية، وأكثر ما يستعمل الإنشاء في إحداث الحيوان، وقد جاء في غيره، قال تعالى: وينشئ السحاب الثقال . والإنشاء: قسيم الخبر، وهو ما لم يكن له خارج، وهل هو مندرج في الطلب أو بالعكس أو قسم برأسه؟ خلاف، وقيل: - على سبيل التقريب- مقارنة اللفظ لمعناه. وقال "فإن قلت: فلم قيل "يعلمون" مع ذكر النجوم، و "يفقهون" مع ذكر إنشاء بني الزمخشري: آدم؟ قلت: كأن إنشاء الإنس من نفس واحدة وتصريفهم على أحوال مختلفة ألطف وأدق صنعة وتدبيرا، فكان ذكر الفقه الذي هو استعمال فطنة وتدقيق نظر مطابقا له" .