وقد أجيب عن ذلك فقال "هؤلاء الأنبياء كلهم مضافون إلى ذرية ابن عباس: إبراهيم وإن كان فيهم من لم يلحقه بولادة من قبل أم ولا أب لأن لوطا ابن أخي إبراهيم، والعرب تجعل العم أبا" . وقال أبو سليمان الدمشقي: "ووهبنا له لوطا" في المعاضدة والمناصرة. فعلى هذا يكون "لوطا" منصوبا بـ "وهبنا" من غير قيد بكونه من ذريته، وقوله "داود" وما عطف عليه منصوب: إما بفعل الهبة وإما بفعل الهداية. و "من ذريته" يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق بذلك الفعل المحذوف، وتكون "من" لابتداء الغاية. والثاني: أنها حال أي: حال كون هؤلاء الأنبياء منسوبين إليه. "وكذلك نجزي" [الكاف في محل نصب نعتا لمصدر محذوف أي: نجزيهم جزاء مثل ذلك الجزاء، ويجوز أن يكون في محل رفع أي: الأمر كذلك] ، وقد تقدم ذلك في قوله وكذلك نري إبراهيم .
قوله: "واليسع" قرأ الجمهور: "اليسع" بلام واحدة وفتح الياء بعدها، وقرأ الأخوان: الليسع، بلام مشددة وياء ساكنة بعدها، فقراءة الجمهور فيها تأويلان، أحدهما: أنه منقول من فعل مضارع، والأصل: يوسع كيوعد، فوقعت الواو بين ياء وكسرة تقديرية، لأن الفتحة إنما جيء بها لأجل حرف الحلق فحذفت لحذفها في يضع ويدع ويهب وبابه، ثم سمي به مجردا عن [ ص: 29 ] ضمير، وزيدت فيه الألف واللام على حد زيادتها في قوله:
1976 - رأيت الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأعباء الخلافة كاهله
وكقوله:
1977 - باعد أم العمرو من أسيرها حراس أبواب على قصورها
وقيل: الألف واللام فيه للتعريف كأنه قدر تنكيره. والثاني: أنه اسم أعجمي لا اشتقاق له، لأن اليسع يقال له يوشع بن نون فتى موسى، فالألف واللام فيه زائدتان أو معرفتان كما تقدم قبل ذلك، وهل "أل" لازمة له على تقدير زيادتها؟ فقال إنها لازمة شذوذا كلزومها في "الآن" وقال الفارسي: ابن مالك: "ما قارنت الأداة نقله كالنصر والنعمان، أو ارتجاله كاليسع والسموأل فإن الأغلب ثبوت أل فيه، وقد تحذف" .
وأما قراءة الأخوين فأصله ليسع كـ ضيغم وصيرف وهو اسم أعجمي، ودخول الألف واللام فيه على الوجهين المتقدمين. واختار قراءة التخفيف فقال: "سمعنا اسم هذا النبي في جميع الأحاديث: أبو عبيد اليسع، ولم يسمه أحد منهم الليسع" وهذا لا حجة فيه لأنه روي اللفظ بأحد لغتيه، وإنما آثروا الرواة هذه اللفظة لخفتها لا لعدم صحة الأخرى. وقال [ ص: 30 ] في قراءة التشديد: "هي أشبه بأسماء العجم" . وقد تقدم أن في نون "يونس" ثلاث لغات وكذلك في سين يوسف. الفراء
قوله: "وكلا فضلنا" كقوله: "كلا هدينا" .