قوله: وإن يروا الظاهر أنها بصرية، ويجوز أن تكون قلبية، والثاني محذوف لفهم المعنى كقول عنترة:
2293 - ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم
أي: فلا تظني غيره واقعا مني، وكذا الآية الكريمة، أي: وإن يروا كل آية جائية أو حادثة. وقرأ "يروا" مبنيا للمفعول من أرى المنقول بهمزة التعدية. [ ص: 457 ] قوله مالك بن دينار الرشد قرأ الأخوان هنا في قوله وأبو عمرو مما علمت رشدا خاصة دون الأولين فيها بفتحتين، والباقون بضمة وسكون. واختلف الناس فيها: هل هما بمعنى واحد؟ فقال الجمهور: نعم لغتان في المصدر كالبخل والبخل والسقم والسقم والحزن والحزن. وقال "الرشد بضمة وسكون الصلاح في النظر، وبفتحتين الدين"، قالوا ولذلك أجمع على قوله أبو عمرو بن العلاء: فإن آنستم منهم رشدا بالضم والسكون، وعلى قوله فأولئك تحروا رشدا بفتحتين. وروي عن "الرشد" بضمتين وكأنه من باب الإتباع كاليسر والعسر. وقرأ ابن عامر "الرشاد" بألف فيكون الرشد والرشد والرشاد كالسقم والسقم والسقام. وقرأ السلمي "لا يتخذوها" و "يتخذوها" بتأنيث الضمير لأن السبيل يجوز تأنيثها. قال تعالى: ابن أبي عبلة قل هذه سبيلي .
قوله: ذلك فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأ خبره الجار بعده، أي: ذلك الصرف بسبب تكذيبهم. والثاني: أنه في محل نصب. ثم اختلف في ذلك: فقال صرفهم الله ذلك الصرف بعينه فجعله مصدرا. وقال الزمخشري: [ ص: 458 ] فعلنا ذلك. فجعله مفعولا به، وعلى الوجهين فالباء في "بأنهم" متعلقة بذلك المحذوف. ابن عطية:
قوله: وكانوا في هذه الجملة احتمالان، أحدهما: أنها نسق على خبر "أن"، أي: ذلك بأنهم كذبوا، وبأنهم كانوا غافلين عن آياتنا. والثاني: أنها مستأنفة أخبر الله تعالى عنهم بأن من شأنهم الغفلة عن الآيات وتدبرها.