ولما جرت العادة بأن المعذب يستوثق منه بسجن أو غيره، ويمنع من كل شيء يمكن أن يقتل به نفسه، خوفا من أن يهرب أو يهلك نفسه قال: ولا يوثق أي يوجد وثاقه [أي] مثل وثاقه فكيف بإيثاقه أحد والمعنى أنه لا يقع في خيال أحد لأجل انقطاع الأنساب والأسباب أن أحدا يقدر على [مثل] ما يقدر عليه سبحانه وتعالى من الضر ليخشى كما يقع في هذه الدنيا، بل يقع في الدنيا في أوهام كثيرة أن عذاب من يخشونه أعظم من عذاب الله - وأن بذلك المقام في ذلك المحفل المهول دون دخولها - ولذلك تقدم خوفه على الخوف من الله، وبنى عذاب الدنيا بأسره لو اجتمع على إنسان وحده لا يساوي رؤية جهنم ويعقوب الفعلين للمفعول، والمعنى [ ص: 42 ] على قراءة الجماعة ببنائها للفاعل: لا يعذب أحد عذابا مثل عذاب الله أي لا يعذب أحد غير الله أحدا من الخلق مثل عذاب الله [له]، والحاصل أنه لا يخاف في القيامة من أحد غير الله، فإنه ثبت بهذا الكلام أن عذابه لا مثل له، ولم يذكر المعذب من هو فيرجع الأمر إلى [أن] المعنى: فيومئذ يخاف الإنسان من الله خوفا لا مثل له، أي لا يخاف من أحد مثل خوفه منه سبحانه وتعالى، ويجوز أن يكون الضمير في "عذابه" للإنسان، أي لا يعذب أحد من الزبانية أحدا غير الإنسان مثل عذابه، وفي المبني للمفعول: لا يعذب عذاب الإنسان [أحد] لكن يبعده أنه يلزم عليه أن يكون عذاب الإنسان أعظم من عذاب إبليس - ويجوز أن يكون المعنى: إنه لا يحمل أحد ما يستحقه من العذاب كقوله تعالى: الكسائي
ولا تزر وازرة وزر أخرى