ولما ذكره، ذكر ما فيه تعظيما له وحثا على الطاعة فقال مبدلا منه أو مبينا له: يوم ولما كان الهائل المفزع النفخ، لا كونه من معين، بنى للمفعول قوله ينفخ أي من نافخ أذن الله له في الصور وهو قرن من نور على ما قيل سعته أعظم ما بين السماء والأرض وهي من النفخات الأرض كما مر في آخر الزمر، ولذلك قال: نفخة البعث وهي الثانية فتأتون أي بعد القيام من القبور إلى الموقف أحياء كما كنتم أول مرة لا تفقدون من أعضائكم وجلودكم وأشعاركم وأظفاركم وألوانكم الأصلية شيئا يجمعكم من الأرض بعد أن تمزقتم [ ص: 201 ] فيها، واختلط تراب من بلي منكم بترابها وتراب بعضكم ببعض، وتمييز ذلك وجمعه وتركيبه كما كان وإعادة الروح فيه يسير عليه سبحانه وتعالى كما فعل ذلك كله من نطفة بعد أن فعله في آدم عليه السلام من تراب لا أصل له في الحياة، حال كونكم أفواجا أي أمما وزمرا وجماعات مشاة مسرعين كل أمة بإمامها، روى الثعلبي عن وابن مردويه رضي الله عنهم - وقال شيخنا البراء ابن حجر في ترجمة محمد بن زهير في لسان الميزان: إنه ظاهر الوضع - أن رضي الله عنه سأل عن هذه الأفواج فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أمتي تحشر على عشرة أصناف: على صور القردة، وعلى صور الخنازير، وبعض منكسون يسحبون على وجوههم، وبعض عمي وبعض صم بكم، وبعض يمضغون ألسنتهم، فهي مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع، وبعض منقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعض مصلوبون على جذوع من نار، وبعض أشد نتنا من الجيف، وبعض ملبسون جبابا [ سابغة - ] من قطران لازقة بجلودهم، فسرهم بالقتات وآكلي السحت وأكلة الربا والجائرين في الحكم والمعجبين بأعمالهم والعلماء [ ص: 202 ] الذين يخالف قولهم فعلهم والمؤذين للجيران والساعين بالناس للسلطان، والتابعين للشهوات المانعين حق الله تعالى والمتكبرين خيلاء" معاذا .