ولما ذكر ما دل على غاية القدرة ونهاية الحكمة فدل قطعا على الوحدانية لأنه لو كان التعدد لم تكن الحكمة ولم تتم القدرة، فأثمر المحبة لمن اتصف بذلك، فأنتج للطائع الشوق إلى لقائه والترامي إلى مطالعة كمال نعمائه، وللعاصي ما هو حقيق به من الخوف من لقائه ليرده [ذلك-] [ ص: 200 ] عن إعراضه وإبائه، أتبع ما أعلم أنه ما ذكره إلا للدلالة على النبأ العظيم في لقاء العزيز الرحيم، فقال منتجا عما مضى من الوعيد وما دل على تمام القدرة مؤكدا لأجل إنكارهم: إن يوم الفصل [أي -] الذي هو النبأ العظيم، وتقدم الإنذار به في المرسلات وما خلق الخلق إلا لجمعهم فيه وإظهار صفات الكمال ليفصل فيه بين كل ملبس فصلا لا شبهة فيه ويؤخذ للمظلوم من الظالم كان أي في علم الله وحكمته كونا لا بد منه جعل فيه كالجبلة في ذوي الأرواح ميقاتا أي حدا يوقت به الدنيا وتنتهي عنده مع ما فيها من الخلائق.