ولما كانوا بعد مجيء الهدى قد أصبروا على الهوى، وكانت هذه السورة في أوائل ما نزل، والمؤمنون قليل، سبب عن ذلك: فأعرض عن من تولى أي كلف نفسه خلاف ما يدعو إليه العقل والفطرة من ولى عن ذكرنا أي ذكره إيانا، فأعرض عن الذكر الذي أنزلناه فلم ينله ولم يتدبر معانيه فلا يلتفت إلى شيء علمه فإنه مطموس على قلبه ولو كان ذهنه أرق من الشعر فإنه لا يؤول إلا إلى شر فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فإنه ما عليك إلا البلاغ.
[ ص: 65 ] ولما كان المعرض في وقت قد يقبل في آخر، دل على دوامه على وجه بليغ بقوله: ولم يرد أي في وقت من الأوقات إلا الحياة الدنيا أي الحاضرة ليقصده بالمحسوسات كالبهائم في العمى عن دناءتها وحقارتها، ثم ترجم جملتي الإعراض والإرادة بقوله: