ذلك أي الأمر المتناهي في الجهل والقباحة مبلغهم أي نهاية بلوغهم وموضع بلوغهم والحاصل لهم، وتهكم بهم بقوله: من العلم أنه لا علم لهم لأن عيون بصائرهم عمي، ومرائيها كثيفة مظلمة لا تكشف عن نظر الآخرة التي هي أصل العلوم كلها، ثم علل هذه الجملة بقوله مؤكدا قطعا لطمع من يظن أن وعظه وكلامه يرد أحدا من غيه وإن أبلغ في أمره ودعائه في سره وجهره، وإعلاما بأن ذلك إنما هو من الله، فمن وعظ له سبحانه راجيا منه في إيمانه أوشك أن ينفع به كما فعل في وعظ رضي الله عنه فصغى له مصعب بن عمير أسيد بن حضير رضي الله عنهما في ساعة واحدة كما هو مشهور وسعد بن معاذ إن ربك أي المحسن إليك بالإرسال وغيره هو أي وحده أعلم بمن ضل عن سبيله ضلالا مستمرا، فلا تعلق أملك بأن يصل علمه إلى ما وراء الدنيا، وعبر بالرب إشارة إلى أن ضلال هذا من الإحسان إليه صلى الله عليه وسلم لأنه لو دخل في دينه لأفسد أكثر مما يصلح كما قال تعالى: ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم وذلك لأنه جبل جبلة غير قابلة للخير وهو أي وحده [ ص: 66 ] أعلم بمن اهتدى أي ظاهرا وباطنا.