ولما أمر سبحانه بما دل على استحقاقه إياه ، أنتج قطعا قوله : قل أي: لهؤلاء الذين يجادلونك في التوحيد والبعث مقابلا لإنكارهم بالتأكيد : إني نهيت أي: ممن لا ناهي غيره ، نهيا عاما ببراهين العقل ، ونهيا خاصا بأدلة النقل أن أعبد ولما أهلوهم لأعلى المقامات ، عبر عنهم إرخاء للعنان بقوله : الذين تدعون أي: يؤهلونهم لأن تدعوهم ، ودل على سفولهم بقوله تعالى : من دون الله [أي]: الذي له الكمال كله ، ودل على أنه ما كان متعبدا قبل البعث بشرع أحد بقوله : لما جاءني البينات أي: الحجج الواضحة جدا من أدلة العقل والنقل ظاهرة ، [ ولفت القول إلى صفة الإحسان تنبيها على فقال] : أنه كما يستحق الإفراد بالعبادة لذاته يستحقها شكرا لإحسانه من ربي أي: المربي لي تربية خاصة هي أعلى من تربية كل مخلوق سواي ، فلذلك أنا أعبده عبادة تفوق عبادة كل عابد.
ولما أخبر بما يتخلى عنه ، أتبعه الأمر بما يتحلى به فقال : وأمرت أن أسلم أي: بأن أجدد إسلام كليتي في [ كل ] [ ص: 109 ] وقت على سبيل الدوام لرب العالمين لأن كل ما سواه مربوب فالإقبال عليه خسار ، وإذا نهى هو صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بهذا لكون الآمر والناهي ربه لأنه رب كل شيء ، كان غيره مشاركا له في ذلك لا محالة.