ولما كان التقدير : فجحدوها [بما لهم من الرسوخ في الظلم] أصلا ورأسا ، ولم يعدوها آيات فضلا عن كونها بينات ، عطف عليه قوله : وقالوا موهمين مكرا وإظهار النصفة بالاكتفاء بأدنى ما يدل على الصدق : لولا أي : هلا أنـزل عليه أي : على أي وجه كان من وجوه الإنزال آيات أي : واحدة تكون بحيث تدل قطعا على صدق الآتي بها من ربه أي : الذي صالح وعصا موسى ونحوهما ، لنستدل به على صدق مقاله ، وصحة ما يدعيه من حاله هذا على قراءة [ يدعي إحسانه إليه كما أنزل على الأنبياء قبله من نحو ناقة و] ابن كثير حمزة والكسائي بالإفراد ، وجمع غيرهم دلالة على أن فريقا آخر قالوا : إن مثل هذا المهم العظيم لا يثبت إلا بآيات متعددة ، وأوهموا [ ص: 456 ] مكابرة وعنادا أن ذلك لم يقع ، وإن وقع ما يسمى آية. وأبي بكر
ولما كان هذا إنكارا للشمس بعد شروقها ، ومكابرة فيما تحدى به من المعجزات بعد حقوقها ، أشار إليه بقوله : قل أي : لهم إرخاء للعنان حتى كأنك ما أتيتهم بشيء : إنما الآيات عند الله أي : الذي له الأمر كله فلا يقدر على إنزال شيء منها غيره ، فإنما الإله هو لا سواه وإنما أنا نذير أقوم لكم بما حملني وكلفني من النذارة ، دالا عليه بما أعطيت من الآيات ، ونواقض المطردات وليس لي أن أقترح [عليه] الآيات ، على أن المقصود من الآية الدلالة على الصدق ، وهي كلها في حكم آية واحدة [في ذلك ، ] ولم يذكر البشارة لأنه ليس أسلوبها مبين أي : أوضح ما آتى به من ذلك بعد أن أوضح صحة كوني نذيرا ، فليس إلي إنزال الآيات ولا طلبها اقتراحا على الله ، فهو قصر قلب فيهما ، خوطب به من لزمه ادعاء أن إنزال الآيات إليه صلى الله عليه وسلم وأن أمره الإتيان بما يريد أو يطلب منه.