[ ص: 313 ] ولما أبلغ في هذه الأساليب في إظهار الخفايا ، وأكثر من نصب الأدلة على الحق محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانوا بإعراضهم عن ذلك كله كأنهم منكرون لأن يكون جاءهم شيء من ذلك ، قال ناسقا على ما تقديره : فلقد آتيناك في هذه الآيات بأعظم البينات ، منبها بحرف التوقع المقترن بأداة القسم على أنه مما يتوقع هنا أن يقال : وإقامة البراهين على وجوب اتباع ولقد وصلنا أي : على ما لنا من العظمة التي مقتضاها أن يكفي أدنى إشارة منها لهم أي : خاصة ، فكان تخصيصهم بذلك منة عظيمة يجب عليهم شكرها القول أي : أتبعنا بعض القول - الذي لا قول في الحقيقة سواه - بعضا ، لتكون جوابا لأقوالهم ، وحلا لإشكالهم ، فيكون أقرب إلى الفهم ، وأولى بالتدبر ، مع تنويعه في وعد ووعيد ، وأخبار ومواعظ ، وحكم ونصائح ، وأحكام ومصالح ، وأكثرنا من ذلك حتى كانت آياته المعجزات وبيناته الباهرات كأنها أفراس الرهبان ، يوم استباق الأقران ، في حومة الميدان ، غير أن كلا منهما سابق في العيان. بالإنزال منجما ، قطعا بعضها في أثر بعض
ولما بكتهم بالتنبيه بهذا التأكيد على مبالغتهم في الكذب بالقول أو بالفعل في أنه ما أتاهم ما يقتضي التذكير أتبع ذلك التوصيل عليه فقال : لعلهم يتذكرون أي : ليكون حالهم حال الذين يرجى لهم [ ص: 314 ] أن يرجعوا إلى عقولهم فيجدوا فيما طبع فيها ما يذكرهم بالحق تذكيرا ، بما أشار إليه الإظهار.