ولما كان تعلق إذ باذكر من الوضوح في حد لا يخفى على أحد ، قال دالا على حكمته وعلمه : إذ طاويا لمتعلقه لوضوح أمره فصار كأنه قال اذكر حكمته وعلمه حين قال : موسى لأهله [أي : زوجه] وهو راجع من مدين إلى مصر ، قيل : ولم يكن معه غيرها : إني آنست أي : أبصرت إبصارا حصل لي الأنس ، وأزال عني الوحشة والنوس نارا فعلم بما في هذه القصة من الأفعال المحكمة المنبئة عن تمام العلم اتصافه بالوصفين علما مشاهدا ، وقدم [ما] الحكمة فيه أظهر لاقتضاء الحال التأمين من نقص ما يؤمر به من الأفعال.
ولما كان كأنه قيل : فماذا تصنع؟ قال آتيا بضمير المذكر المجموع للتعبير عن الزوجة المذكورة بلفظ "الأهل" الصالح للمذكر والجمع صيانة لها وسترا جازما بالوعد للتعبير بالخير الشامل للهدى وغيره ، فكان تعلق الرجاء به أقوى من تعلقه بخصوص كونه هدى ، ولأن مقصود السورة يرجع إلى العلم ، فكان الأليق به الجزم ، ولذا عبر بالشهاب الهادي لأولي الألباب : سآتيكم أي : بوعد صادق وإن أبطأت [ ص: 131 ] منها بخبر أي : ولعل بعضه يكون مما نهتدي به في هذا الظلام إلى الطريق ، وكان قد ضلها أو آتيكم بشهاب أي : شعلة من نار ساطعة قبس أي : عود جاف مأخوذ من معظم النار فهو بحيث قد استحكمت فيه النار فلا ينطفئ; وقال : وقال بعضهم : الشهاب شيء ذو نور مثل العمود ، البغوي والعرب تسمي كل أبيض ذي نور شهابا ، والقبس : القطعة من النار. فقراءة الكوفيين بالتنوين على البدل أو الوصف ، وقراءة غيرهم بالإضافة ، لأن القبس أخص. وعلل إتيانه بذلك إفهاما لأنها ليلة باردة بقوله : لعلكم تصطلون أي : لتكونوا في حال من يرجى أن يستدفئ بذلك أي : يجد به الدفء لوصوله معي فيه النار ، وآذن بقرب وصوله فقال .