ثم قال توضيحا لما قدم في آية الكرسي من إثبات العلم، واستدلالا على التي فارق بها كل من يدعي فيه الإلهية مشيرا بذلك إلى الرد على من جادل في وصفه سبحانه وتعالى بالقيومية عيسى عليه الصلاة والسلام فأطراه بدعواه أنه إله، وموضحا لأن كتبه هدى [ ص: 218 ] وأنه عالم بالمطيع والعاصي بما تقدم أنه أرشد العطف في والله عزيز إلى تقديره، ومعللا لوصفه بالعزة والقدرة لما يأتي في سورة طه من أن تمام العلم يستلزم شمول القدرة: إن الله بما له من صفات الكمال التي منها القيومية لا يخفى عليه شيء وإن دق، ولما كان تقريب المعلومات بالمحسوسات أقيد في التعليم والبعد عن الخفاء قال وإن كان علمه سبحانه وتعالى لا يتقيد بشيء: في الأرض ولا في السماء أي ولا هم يقدرون على أن يدعوا في عيسى عليه الصلاة والسلام مثل هذا العلم، بل في إنجيلهم الذي بين أظهرهم الآن في حدود السبعين والثمانمائة التصريح بأنه يخفى عليه بعض الأمور، قال في ترجمة إنجيل مرقس في قصة التي كانت بها نزف الدم: إنها أتت من ورائه فأمسكت ثوبه فبرأت فعلم القوة التي خرجت منه، فالتفت إلى الجمع وقال: من مس ثوبي؟ فقال له تلاميذه: ما ندري، الجمع يزحمك، ويقول: من اقترب؟ فجاءت وقالت له الحق، فقال: يا ابنة! إيمانك خلصك; وهو في إنجيل لوقا بمعناه ولفظه: فجاءت من ورائه وأمسكت طرف ثوبه، فوقف جري دمها الذي كان يسيل منها، فقال يسوع [من لمسني؟ فأنكر جميعهم، فقال بطرس والذي [ ص: 219 ] معه: يا معلم الخير! الجميع يزحمك ويضيق عليك ويقول: من الذي لمسني] من قرب مني؟ قد علمت أن قوة خرجت مني إلى آخره. وقال ابن زبير : ثم أشار قوله تعالى: إن الله لا يخفى عليه شيء إلى ما تقدم أي في البقرة من تفصيل أخبارهم. فكان الكلام في قوة أن لو قيل: أيخفى عليه مرتكبات العباد! وهو مصورهم في الأرحام والمطلع عليهم حيث لا يطلع عليهم غيره انتهى.