ولما ختم دعاءه بيوم الحساب الموجب ذكره لكل سعادة ونسيانه لكل شقاوة، ذكر بعض ما يتفق فيه رجوعا إلى ما مضى من أحوال يوم القيامة على أحسن وجه، فقال - عاطفا [على قوله] قل لعبادي وجل المقصد تهديد أهل الظلم بالإشراك وغيره، وخاطب [الرأس] الذي لا يمكن ذلك منه ليكون أوقع في قلب [ ص: 433 ] غيره -: ولا تحسبن الله أي الملك الأعظم الذي هو أحكم الحاكمين.
ولما كان [اعتقاد] ترك الحساب يلزم منه نسبة إلى العجز أو السفه أو الغفلة، وكان قد أثبت قدرته وحكمته في هذه السورة وغيرها نزهة عن الغفلة لينتبه المنكرون للبعث من غفلتهم فقال: "غافلا" والغفلة: ذهاب المعنى عن النفس الحاكم عما يعمل الظالمون الذين بدلوا نعمة الله كفرا، فكانوا عريقين في الظلم وإن كان مستند ظلمهم شبها علمية يقيمونها، فكأنه قيل: فما الذي يفعل بهم؟ فقال: إنما يؤخرهم أي يؤخر حسابهم على النقير والقطمير سواء عذبوا في الدنيا أو لا ليوم تشخص أي تفتح فتكون بحيث لا تطرف فيه منهم الأبصار أي حال كونهم