ولما نفى جميع الأسباب النافعة في الدنيا في ذلك [اليوم]، كان كأنه قيل: فمن الحكم فيه حتى أنه يسير سيرة لا نعرفها؟ [ ص: 420 ] فقيل: "الله" أي الملك الأعلى المحيط بكل شيء; ثم أتبعه بصفات تدل على ما دعا إليه [الرسل] من وحدانيته وما أخبروا به من قدرته على كل شيء فلا يقدر أحد على مغالبته، وعلى المعاد وعلى غناه فلا يبايع، فقال: الذي خلق السماوات والأرض وهما أكبر خلقا منكم وأعظم شأنا، ثم عقبه بأدل الأمور على الإعادة مع ما فيه من عظيم المنة بأن به الحياة، فقال: وأنـزل من السماء ماء
ولما كان ذلك سبب النمو قال: فأخرج به أي بالماء الذي جعل منه كل شيء حي من الثمرات أي الشجرية وغيرهما رزقا لكم بعد يبس [الأرض] وجفاف نباتها، وليس ذلك بدون إحياء الموتى; ثم أتبعه ما ادخره في الأرض من مياه البحار والأنهار، [وذكر أعم ما يظهر من البحار] فقال: وسخر لكم الفلك وعلل ذلك بقوله: لتجري في البحر ولما كان ذلك أمرا باهرا للعقل، بين عظمته بقوله: بأمره ولما كانت الأنهار من النعم الكبار بعد نعمة البحار، قال: وسخر لكم الأنهار