ولما تم الجواب عن كفرهم بالموحي وما أوحاه إليه وما اشتد [ ص: 346 ] تعلقه به، عطف على ذلك تأسية بالموحى إليه صلى الله عليه وسلم، لأن الحاث على تميز الإجابة إلى الآيات المقترحات استهزاء الكفار، فقال: ولقد استهزئ أي من أدنى الخلق وغيرهم برسل
ولما كان الإرسال لم يعم جميع الأزمان فضلا عن الاستهزاء، أدخل الجار فقال: من قبلك لعدم إتيانهم بالمقترحات; والاستهزاء: طلب الهزوء، وهو الإظهار خلاف الإضمار للاستصغار فأمليت أي فتسبب عن استهزائهم ذلك أني أمليت للذين كفروا أي أمهلتهم في خفض وسعة كالبهيمة يملى لها، أي يمد في المرعى، ولم أجعل ذلك سببا لإجابتهم إلى ما اقترحوا ولا معاجلتهم بالعذاب فعل الضيق الفطن "ثم" بعد طول الإملاء أخذتهم أي أخذ قهر وانتقام فكيف أي فكان أخذي لهم سببا لأن يسأل من كان يستبطئ رسلنا أو يظن بنا تهاونا بهم، فيقال له: كيف كان عقاب فهو استفهام معناه التعجب مما حل بالمكذبين والتقرير، [و - ] في ضمنه وعيد شديد.